الأكاديمية
الإسلامية المفتوحة / الفصل الدراسى الأول / مادة مصطلح الحديث / د.
رامز بن محمد ابو السعود
بسم
الله الرحمن الرحيم
الدرس (8)
س/ ما
هي أبرز مظان الحديث الصحيح؟
ج/ صحيح الإمام البخاري، وصحيح الإمام
مسلم،
فهما أصح كتابين بعد كتاب الله -عز وجل-، وقد أطبقت الأمة، وتلقت الأمة هذين
الكتابين بالقبول، بقبول ما فيهما، فأحاديث الصحيحين صحيحة مقطوع بصحتها، ثابتة
إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ثبوتًا يورث في النفس علمًا نظريًّا يدفع الإنسان
إلى القبول والتسليم.
س/
ما اسم كتاب الإمام البخاري ؟.
ج/ اسم كتاب الإمام البخاري، وهو: الجامع
المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسننه وأيامه.
لما
قال الجامع خرجت به الكتب التي إنما اقتصرت على حديث الحلال والحرام، أحاديث
الأحكام الفقهية فقط،
هو جامع، بمعنى: أنه يذكر أحاديث الحلال والحرام، ويذكر أحاديث
العقائد، وأحاديث التفسير، والسير، والمغازي، وكل ما يتعلق بهدي النبي -صلى الله
عليه وسلم- وأيامه، وسننه، وغزواته.
المسند، كأن الإمام البخاري يومئ إيماءة، يقول: انتبهوا، سأخرج
في صحيحي بعض الأحاديث غير مسندة، وهي التي يسميها العلماء المعلقات، وهي أكثر ما
وجدت في صحيح الإمام البخاري، فكأنه يقول هذه الأحاديث ليست على شرطي، فحذار أن
يظن طالب علم، أو أن يظن عالم أن هذه الأحاديث على شرطي في اشتراط الصحة الذي
اشترطه في صحيح البخاري ومسلم، فكأنه بقوله المسند أخرج المعلقات التي هي داخلة
صحيح البخاري، فإن قيل: لم يعلق حقيقة أكثر مما يعلق؟ إنما يعلق في ابتداء
الأبواب، لذلك استقر كلام العلماء أنهم قالوا: أن فقه البخاري في تراجمه، أي في
المعلقات. ولها حكم كثيرة،
الصحيح، إذن كأن الإمام البخاري يقول: كل ما فيه أضمن صحته،
أمير المؤمنين في الحديث، إمام أهل الدنيا في الحديث، يقول: ما فيه عندي أقطع
بصحته، فهو مضمونة عندي، كأنه ضرب على صدره، وقال: كل ما فيه أنا متحمل صحته أمام
الله -عز وجل-، وهذا من تمام دينه ونسكه.
المختصر، كأنه يريد أن يقول: لم أخرج كل الحديث الصحيح،
تنبه، لم أجمع في هذا الكتاب كل ما صح عندي، لا. هو مختصر على ما رأيته، هو أصح
الصحيح، أو توفرت فيه شروط الصحة التي أراها فقط، وعلى هذا فلا يعترض على الإمام
البخاري لأن يستدرك عليه أنه يلزمه مثلاً أن يخرج حديث كذا؛ لأنه لم يشترط
الاستيعاب والإيفاء لكل الصحيح، ولذلك قال: المختصر، كأنني أقتصر على بعضه من بعض،
س/ كم
حديث يحفظه الإمام البخاري ؟
ج/ ستمائة ألف
حديث، كم حديث ضعيف؟ أربعمائة ألف حديث ضعيف، ومائتي ألف حديث صحيح،
س/
كم عدد أحاديث صحيح الإمام البخاري ؟
ج/ صحيح البخاري
من غير المكرر، تقريبًا سبعة آلاف ومائة، من مائتي ألف حديث، يحفظها من الأحاديث
الصحيحة.
س/ ما
اسم صحيح الإمام مسلم ؟
ج/ صحيح الإمام
مسلم اسمه: الجامع الصحيح، وحققه جماعة من العلماء، حققوا جماعة من العلماء من
المعاصرين، أن اسم صحيح الإمام مسلم، هو: الجامع الصحيح، سماه بالجامع الصحيح، إذن
هو يجمع أحاديث ليست خاصة بأحاديث الحلال والحرام فحسب، ثم هو اشترط أيضًا الصحة،
فكأنه فعل مثل فعل شيخه، ونعرف أن الإمام مسلمًا تلميذ الإمام البخاري.
س/
تكلم عن مكانة الإمام البخاري في العلم ؟.
ج/ قصة طيبة جدًّا
جدًّا تبرز إمامة ومكانة الإمام البخاري في العلم، اسمعوا هذه القصة، وهذه القصة
وقعت مع الإمام البخاري مع أهل بغداد، لما قدِم البخاري بغداد، وكانت بغداد عاصمة
الخلافة، فكانت مأرز أكثر العلماء، فلما قدِم البخاري بغداد، عقدوا له مجلسًا
للتحديث، كأنهم يريدون أن يقولوا: سنمتحنك قبل أن نأخذ منك، لنتأكد من حفظك،
اسمعوا هذا الامتحان.
قالوا
وذكر هذا الإمام الخطيب وغيره في تاريخ بغداد، هذه القصة، وهي قصة صحيحة، قالوا:
لما قدم البخاري بغداد، فسمع به أصحاب الحديث، اجتمعوا، وعمدوا إلى مائة حديث
فقلبوا متونها، وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر، وإسناد هذا المتن
لمتن آخر، ودفعوها إلى عشرة أنفس إلى كل رجل عشرة أحاديث، يعني أخذوا مائة حديث،
فكوا الإسناد عن المتن، فوضعوا هذا الإسناد لمتن آخر، ووضعوا هذا المتن لإسناد
آخر، فتلخبطت الأحاديث جملة وتفصيلاً، فيريدون الآن أن يمتحنوا الإمام البخاري، أن
يعيد الأسانيد إلى متونها، وأن يوحد، وأن يلاءم بين الأسانيد ومتونها، فينبغي أن
يكون حافظًا بصيرًا، وهذه الأحاديث ما قالوا له اقرأ كتاب معين، وسنمتحنك فيه، كما
نفعل مع الطلاب، لا، علمك يكفينا، أحاديث لا يعلم بها غير منتخبة، غير منتقاة، هم
انتقوها بغير علم سابق، سواءً كانت أحاديث بصرية، بغدادية، حجازية، ليس للبخاري
فيها كبير شأن، المهم أنت عالم؟ ميز، كأنهم أرادوا أن يقولوا: نريد أن ننظر إلى
علمه بالمدارس الحديثية، ومدى تمكنه من علم الحديث الذي وزِّع في أقطار الأرض
وأصقاعها.
ودفعوها
هذه المائة بعد أن قسموها متونا، وركبوا الأسانيد ولخبطوها، وقلبوها، ودفعوها إلى
عشرة أنفس، إلى كل رجل عشرة أحاديث، وأمروهم إذا حضر المجلس أن يلقوا ذلك على
الإمام البخاري، وأخذوا الموعد للمجلس، يعني موعد معلن أبدًا مجلس سيعقد للإمام
البخاري، يعني يتصايحون، من أراد أن ينظر، وأن يجلس من طلاب الحديث فليقبل، هذا
مجلس الامتحان، ولمن يمتحن، أمير المؤمنين في الحديث، يعني كأنني أتصور أن المجلس
لا يقل عن مائتي ألف كانوا حاضرين، أو مائة ألف، فحضر المجلس جماعة أصحاب الحديث،
من الغرباء من أهل خراسان، أهل خراسان رحلوا لبغداد حتى يحضروا المجلس، الغرباء،
ما هم فقط أهل بغداد، يعني الكل تنادى إلى هذا المجلس سيمتحن فيه إمام المحدثين.
قال:
فحضر المجلس جماعة أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خراسان وغيرها، ومن البغداديين،
فلما اطمأن المجلس بأهله، أبدًا عقد المجلس للامتحان، انتدب إليه رجل من العشرة،
ابتدأ، فسأله عن حديث من تلك الأحاديث، فساق الإسناد والمتن، هذا المتن لهذا الإسناد؟
أبدًا، مركب، فالمتن ليس للإسناد.
فقال
البخاري: لا أعرفه، أول إسناد.. رسب الإمام البخاري هنا، أول إسناد مع هذا المتن
كان حقه أن يقول: هذا ليس بإسناد، وهذا الإسناد متنه كذا وكذا، فقال البخاري: لا
أعرفه، فسأله عن آخر، الحديث الثاني: فقال: لا أعرفه، فمازال يلقي عليه واحدًا بعد
واحد حتى فرغ من عشرته، والبخاري في كل ذلك يقول: لا أعرفه، انتهت العشرة،
والبخاري لم ينجح في أي حديث.
فكأن
الفهماء -انتبهوا إلى هذا- فكان الفهماء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض، أهل
الفهم، الحفاظ، ويقولون: الرجل فهم، الرجل حافظ متقن، هو يقول: لا أعرفه.
ومن
كان منهم غير ذلك، يعني ليس فهمًا ليس فطنًا بعلم الحديث، يقضي على البخاري بالعجز
والتقصير، وقلة الفهم، والله يحكم أن هذا البخاري، والله هذا صيت من غير واقع،
سمعة من غير وجود، عشرة أحاديث لا يعرف منها حديثًا واحدًا، أن يعيد الإسناد إلى
متنه، والمتن إلى إسناده، مصيبة هذه.
انتهى
الأول، ثم انتدب رجل آخر من العشرة، فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة، فقال
البخاري: لا أعرفه، فسأله عن آخر، الحديث الثاني الذي عند الرجل الثاني، فقال: لا
أعرفه، فسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه، فلم يزل يلقي عليه واحدًا بعد آخر، حتى فرغ
من عشرته، والبخاري يقول في كل ذلك: لا أعرفه، إذن عشرون حديثًا لم يعرف البخاري
منها حديثًا واحدًا. رسوب مرير، نرى هل هو رسوب، أم ماذا؟
ثم
انتدب له الثالث، والرابع، إلى تمام العشرة، حتى فرغوا كلهم من الأحاديث المقلوبة،
والبخاري لا يزيد على: لا أعرفه، لا أعرفه.
فلما
علم البخاري، الآن ابتدأت، فلما علم البخاري أنهم قد فرغوا، خلاص هذه أحاديثكم؟
التفت إلى الأول منهم -يالله- لن أعلق الآن، سأقرأ ثم أعلق؛ لأن التعليق قد يخل
بالرونق أحيانًا.
فالتفت
إلى الأول منهم: فقال: أما حديثك الأول، فهو كذا، وحديثك الثاني فهو كذا، والثالث
والرابع على الترتيب، وكل ذلك يجمع كل إسناد إلى متنه، حتى أتى على تمام العشرة،
فرد كل متن إلى إسناده، وكل إسناد إلى متنه، وفعل بالآخرين مثل ذلك، ورد متون
الأحاديث كلها إلى أسانيدها، وأسانيدها إلى متونها، فأقر له الناس بالحفظ، وأذعنوا
له بالفضل.
الآن
ما الذي فعله الإمام البخاري؟ نفرض أن أخاكم هذا الطالب هو أول واحد، فقال: حديثك
الأول، العجب كما قالوا، الآن سنقرأ كلمة الإمام الحافظ ابن حجر، قال: ليس
العجب من حفظه، أن الحديث هذا ليس هذا حديثه، وأن الإسناد هذا للمتن، لأنه حافظ،
لكن العجب أنه حفظ الخطأ من مرة واحدة، وعلى الترتيب، حديثك الأول ومنتهى
العشرة، وتخيلوا العشرة لما يعرض علي كل واحد إسناد ومتن، يعني يحتاج العشرة فيما
يتصوروا عندهم مائة حديث، يحتاج إلى ساعة أن يعرضوا الأحاديث، بعد الساعة رجع إلى
الأول، قال: حديثك الأول قلت كذا، فحفظ الخطأ، قلت كذا وكذا، إسنادك هذا، ومتنك
هذا، أما هذا الإسناد فهو موجود عند الراوي السابع في الحديث الخامس، متنه كل
إسناد أعاده إلى متنه عند الراوي، وحديثه، فقال: أما حديثك الأول، فإسناده كذا،
ومتنه عندك أنت، الراوي السابع الذي عرضت، سابع الرواة، قلنا عشرة هم، عندك أنت
راوي السابع في المتن الخامس، متن الخامس عندك، هو إسناده متصل بإسناد الأول، ثم
أما متنك -ما خلص من الحديث الأول-، أما متن حديثك الأول أيها الراوي الأول
فإسناده موجود عند العاشر في الإسناد الأول.
انتهى
من هذا الحديث، فقال: أما حديثك الثاني، إسناده موجود عند الراوي الرابع في المتن
الخامس أو السادس، وأما متن حديثك الثاني فموجود عند راوي الثاني في الإسناد
الخامس، أو الرابع، أو الأول، يعني حفظها على الخطأ من مرة واحدة، حفظ العشرة،
وحفظ الخطأ الذي ركِّب الإسناد، الإسناد الملفق مع المتن الذي ليس له، وحفظ أن هذا
الإسناد متنه موجود في مكان عند الراوي الفلاني في الحديث الفلاني، وأن المتن عندك
موجود إسناده عند الراوي الفلاني في الحديث الفلاني، من مرة واحدة.
يقول
الحافظ ابن حجر: "فما العجب من رده الخطأ إلى الصواب، فإنه كان
حافظًا" هذا ليس عجبًا، حافظًا "بل العجب من حفظه للخطأ على ترتيب ما
ألقوه عليه من مرة واحدة" كيف حفظ الخطأ الأسانيد المائة المركبة على
متون ليست لها، كيف حفظها على نسقها؟ وكما عرضت عليه حديثًا حديثًا، راويًا راويًا؟
هذا العجب.
هذا
إذن الإمام البخاري، بعد هذا الإتقان والإجادة.
س/
اذكر طرفًا مما ذكر عن صحيح الإمام البخاري من كلام الإمام البخاري ؟.
ج/ قال الإمام
البخاري، عن صحيح البخاري، يريد أن يعطي ما فعل في صحيح البخاري، يقول: ما وضعت في
كتاب الصحيح حديثًا، انظروا إلى الديانة، سبعة آلاف ومائة حديث، هذا من غير
المكرر، بالمكرر يصل إلى أربعة عشر ألف "ما وضعت في كتاب الصحيح حديثًا،
إلا واغتسلت قبل ذلك، واستخرت الله -تعالى- فصليت ركعتين، وتيقنت صحته"،
يعني فقط صلى لصحيح البخاري ما يزيد عن أكثر من أربعة عشر ألف ركعة فقط يستخير في
أحاديث البخاري، ما هذه الديانة؟ ويغتسل قبل كل استخارة.
وقال
أيضًا: "صنفت الجامع من ستمائة ألف حديث، في ست عشرة سنة"، مدة
وضعه الصحيح كم؟ ست عشرة سنة، نعم ست عشرة سنة وهو يضع الصحيح، ويؤلف بين هذه
الأحاديث، وينتقي من تلك الستمائة حديث.
فقال: "صنفت
الجامع من ستمائة ألف حديث، في ست عشرة سنة، وجعلت حجة -يا الله ما أثقل هذه
الكلمة- وجعلت حجة في ما بيني وبين الله تعالى".
يعني
أنا يا أيها المسلم تعبد الله بما في صحيح البخاري، وقفني أمام الله لأكون أنا
المحاجج أن هذا صحيح، هذه دلالة على الثقة واليقين بالصحة.
الإمام
البخاري ينظر إلى الأمور، فيقول: أنتم اجعلوني حجة بينكم وبين الله -عز وجل-، أنا
أقبل أن أحاسب عنكم أمام الله عن هذه الأحاديث في ثبوتها إلى الحبيب النبي صلوات
ربي وسلامه عليه.
ولذلك
قال الإمام العقيلي: "لما صنف البخاري كتاب الصحيح عرضه على علي بن
المديني، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وغيرهم، فاستحسنوه، وشهدوا له بالصحة إلا
أربعة أحاديث فحذفهم البخاري".
س/ على
من عرض الإمام البخاري صحيحه ؟.
ج/ عرض علي بن
المديني إمام العلل في زمانه، الذي كان البخاري يقول: ما
استصغرت نفسي إلا عند جلوسي عند علي بن المديني، حين أرى حالي أنا البخاري أرى
نفسي صغيرة، من شدة علم علي بن المديني، إمام العلل.
ويحيى
بن معين، كلهم شيوخه هؤلاء، ويحيى بن معين إمام الجرح والتعديل،
الذي لا يشق له غبار، أكثر عالم تكلم في الجرح والتعديل هو، ثم أحمد بن حنبل، الذي
جمع بين الجرح والتعديل والعلل، فهو إمام الجرح والتعديل، وهو ثاني أكثر إمام تكلم
في الجرح والتعديل بعد يحيى بن معين، أول شيء يحيى بن معين، ثم الإمام أحمد،
عرض على هؤلاء، يعني كأنه يقول: عرضته على أقطاب
الرحى، أساطير علم الحديث في عصره، فاستحسنوه، وشهدوا له بالصحة، ألا يكفينا هذا
الاستحسان حتى يأتي عالم، أو يأتي طالب علم، يقول: هذا الحديث ضعيف، أين أنت ستكون
أعلى من علي بن المديني، وأعلى من الإمام أحمد، وأعلى من يحيى بن معين في الجرح
والتعديل في الرواة؟ وأعلى منهم في العلل؟.
س/
من أكثر من تكلم في الجرح والتعديل في الرواة؟.
الإمام يحيى بن معين، ثم الإمام أحمد
بن حنبل، إمام العلل، وقد جمع مع الجرح والتعليل علم العلل.
س/ على
من عرض الإمام مسلم صحيحه ؟.
ج/ الإمام مسلم
عرض صحيحه على أعلم العلماء في زمانه، وهما: أبو حاتم الرازي، أبو زرعة الرازي،
الرازيين، إمام العلل، وإمام الجرح والتعديل، الذين قد تضلعوا وتشبعوا بعلم العلل،
حتى صار علم العلل والله يا إخوة يعني الإناء بما فيه ينضح، صاروا يخرجون العلم
طفحًا من فرط ما امتلئوا من علم العلل، ومع ذلك عرضه عليهما، فما قال احذفه حذفه،
وما بقي أثبته.
صحيح
البخاري ومسلم أهل زمانهم من علماء العلل وأرباب الجرح والتعديل أطبقوا على صحة ما
فيهما، ثم أتى العلماء بعد ذلك، وأرادوا أن يمتحنوا نتأكد من الصحة، فلم ينتقد على
البخاري ومسلم في صحيحيهما إلا أحاديث يسيرة، انتقدا عليهم الحافظ الدارقطني إمام
العلل، وأبو علي الغساني، وابن عمار الشهيد، أحاديث يسيرة، لا تبلغ مجموع ما انتقد
عليهما مائة وستين، مائة وأربعين، وقد يكون الحق ليس مع المنتقد، قد يكون الحق مع
البخاري ومسلم.
وللفائدة
الصحيح فيه كتاب جيد ماتع من أراده اسمه: "مكانة الصحيحين" كتاب
كبير تكلم عن شيء ما ذكرته ، لمن أراد أن يعرف قدر الصحيحين، أو شيئًا من قدر
الصحيحين،
س/
أيهما أصح صحيح البخاري أم صحيح مسلم؟
ج/ ذهب جمهور أهل
الحديث إلى أن صحيح البخاري هو أصح كتاب بعد كتاب الله -عز وجل-، ونظروا إلى اعتبار
شرطه في الرواة، وشرطه في الاتصال، وشرطه في الرواية الحديث، إذن جمع كل حد تعريف
الصحيح، الذي هو عبارة عن اتصال، ثم العدالة والضبط، وهو الرواة، ثم السلامة من
الشذوذ والعلة وهي المتن، فقالوا: صحيح البخاري هو أصح كتاب بعد كتاب الله،
وأنه أصح من صحيح الإمام مسلم.
س/ لماذا
صحيح البخاري أصح من صحيح مسلم؟
·
ج/ شرط البخاري في
الاتصال أقوى من شرط الإمام مسلم في الاتصال،
·
شرط
الإمام البخاري في العدالة والضبط أقوى وأعلى من شرط الإمام مسلم في العدالة
والضبط،
·
شرطه
في العلل وجانب الرواية والسلامة من الشذوذ والعلل والمتن أعلى ضبطًا من شرط
الإمام مسلم،
فقالوا:
فالبخاري على ذاك وقد جمع كل قيود الحديث الصحيح، فكان فيها له القدم المعلى، وله
القدم السبق في هذا، فقالوا: صحيح البخاري هو أصح كتاب بعد كتاب الله، وأنه أصح من
صحيح الإمام مسلم.
س/
لماذا ذهب بعض علماء المغاربة إلى تقديم صحيح الإمام مسلم على صحيح البخاري ؟.
ج/ ذهب بعض علماء
المغاربة إلى تقديم الإمام مسلم على صحيح البخاري، لكن انتبهوا يا إخوة، هذا الذي
أميل إليه ما ذكره الحافظ ابن حجر، تقديمهم ما كان من حيث الصحة، والكلمة التي
قالها أبو علي يرجع إلى كلام الإمام الحافظ ابن حجر، وكيف توجيهه لها في النزهة أو
غيرها.
لاحظوا
المسألة الآن، المغاربة لما قدموا صحيح الإمام مسلم على البخاري، ما نظروا إلى
الصحة، نظروا إلى سمات موجودة في صحيح مسلم لم تكن موجودة في صحيح البخاري.
س/ رواية
الراوي عن المعاصر، هل يشترط فيه اللقي أو يكتفى فيه أنه ليس مدلسًا فيحمل على
الاتصال؟
ج/ أوضح الآن
المسألة: أنا معاصر لك، ولم يثبت لقائك مرة واحدة، لم يثبت، ولم ينتف أيضًا اللقاء
واضح، لم يرد ثبوتًا أو نفيًا، وأنا لست مدلسًا، فأمن جانبي من أنني لن أوهم في
الحديث ما لم أسمعه؛ لأن التدليس إيهام، فالإمام مسلم يعتبر أن الإسناد متصل،
إمكانية اللقاء ممكنة، ثم الراوي ليس مدلسًا، فإذن أحمله على الاتصال،
الإمام البخاري يقول: لا، لابد أن يصرح
بالتحديث من شيخه هذا مرة واحدة ولو خارج الصحيحين، المهم يقف عندي إسناد
يقول: حدثني فلان شيخه، حينئذ أعتبر الاتصال، يعني لابد يثبت له اللقاء ولو مرة
واحدة، إذن أقبلك، خلاف كذا ما أقبل هذا، وأعتبر أن هذا الإسناد ليس بمتصل.
س/ هل
رأي الإمام البخاري أصح؟ أم رأي الإمام مسلم؟
ج/ فليراجع كتاب "السنن الأبين في المحاكمة بين
البخاري ومسلم في السند المعنعن أو المأنأن" فليراجع هذا الكتاب وغيره،
س/
أي من الشرطين أعمق وأغوص؟
ج/ شرط البخاري، أنه
كل راوٍ لابد أن يلتقي بشيخه، أن يثبت لقاءه لشيخه ولو مرة واحدة،
الإمام مسلم لابد أن يكون فيه لقاء، لكن هو
يقول: إمكانية اللقاء تكفيني مع سلامة الراوي من التدليس، إذن شرط البخاري
تميز هنا.
النقطة
الثانية: العدالة والضبط، العدالة والضبط تتمثل
في طبقات الرواة كالإمام الزهري، الذي له تلاميذ كثر، مدارات الأسانيد الذين جمعوا
كثير من كتب السنة، أو من حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، هؤلاء البخاري ينتقي
الطبقة الأولى، يخرج حديث الطبقة الأولى، كذا يقول مثلاً الإمام الحازمي وغيره،
كذا يقولون: إن الإمام البخاري يخرج حديث الطبقة الأولى، وينزل للثانية في
المتابعات، ليس في الأصول، في الأصول يأخذ حديث الطبقة الأولى، وينزل للثانية إذا
اعتضد وتوبع بغيره، طبعًا وقع في النفس طمأنينة، والإمام مسلم كذا يقول الإمام الحازمي
وغيره: أنه يخرج للطبقة الأولى والثانية أصولاً، لا يفرق بين الأولى والثانية؛ لأن
الضبط فيها قوي، في كلا الطبقتين، والإتقان النفس تقع فيه القبول والتسليم، وينزل
للثالثة في المتابعة.
س/ ما
هي الطبقات؟
ج/ مثلاً طبقة
الإمام البخاري، أول طبقة من أصحابه وتلاميذه هم الذين لازموه فأطالوا
الملازمة، وكانوا على أقوى ما يكون الإنسان من الحفظ والتثبت،
ثم ننزل للطبقة الثانية، لازموه ملازمة
طويلة، لكنهم قلوا في الإتقان ما أقول في الضبط انتبهوا، هم ثقات من المرتبة
الأولى، أولئك يكونون كمالك ومعمر، يعني حفظهم إليه المنتهى، آية في الحفظ، لكن
دون الأول.
ثم الطبقة
الثالثة: الحفاظ، الذين هم آيات في الحفظ، لكنهم قلت ملازمتهم للإمام البخاري.
ثم الطبقة
الرابعة: الثقات، الآن لاحظوا كان كلامنا كله من الأول، الحفاظ المتقنين آيات
الحفظ، هنا الثقات الإنسان الثقة، مازلنا إلى الآن في محور الحديث الصحيح.
الثقات
والذين قلت ملازمتهم، الإمام البخاري يأخذ من الطبقة الأولى، الآيات في الإتقان
والحفظ مع طول الملازمة، وينتقي من الثانية والذين طالت ملازمتهم، متقنون لكن قل
إتقانهم عن الأول، فينتقي منهم في المتابعة، الإمام مسلم يخرج من الأولى والثانية،
وينزل للثالثة متابعات، وهم الذين آيات في الحفظ والإتقان، لكن قلت ملازمتهم
للإمام الزهري، الآن كل هذه الطبقات يعني هم من الحفاظ، من المبرزين أم لا؟ نعم.
فهذه هي الطبقات.
س/
شرط الإمام البخاري في الإتقان أشد أم لا؟.
ج/ فالإمام
البخاري شرطه أشد، شرط الإمام البخاري في الإتقان أنه لا يخرج من الأولى، وكان كذا
يقول للعلماء كما ذكر الحازمي وغيره: أنه يخرج من الأولى في الأصول، والثانية
متابعات.
إذن
شرطه في العدالة كان أقوى، والأمر في قضية الرواية،
س/
شرط الإمام البخاري في السلامة من الشذوذ والعلة أقوى أم لا؟.
السلامة من الشذوذ والعلة، وهي الرواية.
الحديث
المنتقد على الإمام البخاري أقل بكثير على النصف من الأحاديث التي انتقد على
الإمام مسلم، الإمام البخاري انتقد عليه مثلاً ستون حديثًا، أظن فيما أظن حولها،
والإمام مسلم انتقد عليه قرابة المائة وعشرين مائة وثلاثين حديث، الضعف، الآن كلما
قل الانتقاد دل على لزوم الصحة والقرب من الصحة والإتقان أكثر، وكذا الحال في
جانب الجرح والتعديل أي نرجع في العدالة والضبط، أن الرواة الذين انتقدوا على
صحيح البخاري أقل من الرواة الذين انتقد مسلم على إخراجه لهم في الصحيح.
إذن كل
هذا يعطي مؤشرًا واحدًا وهو: أن صحيح البخاري أصح من صحيح الإمام مسلم،
وكلها صحيحة.
س/
لماذا قدم المغاربة صحيح الإمام مسلم؟.
ج/ المغاربة قدموا
الإمام مسلم لاعتبارات تنسيقية تنظيمية ترتيبية، كلما كان الأمر الإخراج
على أحسن ما يكون، كان الأمر عندهم أفضل، فقدموا الإمام مسلم لاعتبارات منها:
أولا: الإمام مسلم
يجمع كل روايات في الحديث الواحد في موضع واحد، فيريح طالب العلم، كل روايات حديث «إنما
الأعمال بالنيات» تجدها في موضع واحد من صحيح مسلم، ويضع هذه الروايات
في ألصق موضع، أكثر شيء يدل مثلاً في النية، يضع حين الرواية ويجمعها.
الإمام
البخاري له فقه، يستعمل الفقه، فيوزع الروايات في كل صحيحه، ، لكن قديمًا الذي يريد أن يخرج حديثًا في صحيح
البخاري لابد أن يكون حافظًا لصحيح البخاري، فالمغاربة يقولون: لماذا هذا التعب
الشديد؟ الإمام مسلم يجمع في مكان واحد، والروايات في مكان واحد، في ألصق موضع
لها.
فقدموا
مسلمًا من هذا، من حسن الإخراج، وحسن وضع الأحاديث كلها والروايات كلها في موضع
واحد.
ثانيا: الإمام مسلم ما
خرج من بلده للفائدة وهو يكتب الصحيح ، ولا بعده عن أصوله ولا عن
شيوخه، فكان يكتب من أصوله مباشرة، الإمام البخاري أبدًا، كان يقول: "رب
حديث حفظته في الشام كتبته في بغداد، ورب حديث حفظته في اليمن كتبته في
البصرة".
كان
يعتمد على أصوله، أصوله موجودة في بخارى في بلاده، لكن
الآن يعتمد على حفظه، أصوله محفوظة عنده، فقالوا: اعتماد العالم على الكتاب
والأصول أولى في القبول من اعتماد العالم على الحفظ، وهذا قد أشرنا إليه في الضبط،
قلنا في موضوع الضبط: ضبط الكتاب والصدر هذا رقم واحد، ثم ضبط الكتاب، ثم ضبط
الصدر، فقالوا: الإمام مسلم ما أدخل حديثًا في الصحيح إلا واعتمد على
أصوله، أما البخاري فلا. فمن هذه الجوانب قدموا صحيح الإمام مسلم على صحيح
الإمام البخاري،
لاحظوا
تقديمهم لصحيح الإمام مسلم لما ذكروا مبرراتهم كلها مبررات في الإخراج، ما تكلموا
عن الأسانيد والصحة؛ لأن الكل صحيح البخاري وصحيح مسلم صحيح، لكن هي قضية الإخراج،
والأمر سهل في هذا.
س/
ما هو الحديث الحسن؟
ج/ الحديث الحسن
هو: وهو ما اتصل سنده بنقل العدل الضبط الذي خف ضبطه شيئًا ما عن مثله، من أول
السند إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة قادحة.
هذا
المعنى أحد المعنيين اللذين يعرف بهما علماء الحديث الحديث الحسن،
فيه معنى آخر، وهذا المعنى هو الذي استقر عليه
المتأخرون من علماء الحديث المحققين، إذا قلبت بطون الكتب، ونظرت إلى كتب المصطلح،
يعرفون الحديث الحسن بهذا الذي عرفناه، لكن هذا حقيقة أحد المعنيين عند علماء
الرواية، فيه معنى أشهر من هذا المعنى عندهم في الحديث الحسن، وهو: الحديث
الصحيح، يطلقون الحسن، ولا يريدون به حسن مرتبة دون مرتبة الصحيح، يريدون الحديث
الحسن هو يعني بالمعنى اللغوي، الحسن الجيد الجميل، نقول: شيء حسن، جيد
حسن، يعني جميل، محتج به مقبول، يأخذون المعنى اللغوي، ولا يريدون المعنى
الاصطلاحي، فيقولوا: عنه حديث صحيح، يقول: حديث حسن، وهو يقصد يعني عنده الصحيح
يساوي الحسن ولا فرق.
إذن هو
لما يعبر بالحديث الحسن ما يريد الحسن بالاصطلاح، بقدر ما يريد أن متنه محتج به،
جميل حسن جيد، يعني يقبل به، جيد، وطالب العلم الذي يشتغل بعلم العلل، لا حاجة له
إلى هذا التقسيم، أنا هذه نظرتي، وأنا من خلال ما درست كثيرًا أحاديث، وخرجت
كثيرًا سواءً في الماجستير أو الدكتوراه أو أبحاثي، ما عمري أطلقت لفظ حديث حسن،
ما عمري إطلاقًا إطلاقًا، صحيح أو ضعيف، صحيح أو ضعيف يعتبر به، أو صحيح أو ضعيف
لا يعتبر به، لا حاجة له، حقيقة لا حاجة لهذا؛ لأنك تنظر في جانب للعلل إلى
المتابعات والشواهد، فلا حاجة لهذا إطلاقًا، على كل لا بأس، تريد أن تطلقها،
للحديث الحسن إطلاقان:
·
إطلاق الأول: استقر
عند المتأخرين المحققين، وهو ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط الذي خف ضبطه
شيئًا ما من أول السند إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة قادحة.
·
الإطلاق الثاني: أن الحسن هو
رديف الحديث الصحيح، هو إطلاق من
إطلاقات الحديث الصحيح، فيكون الحسن ويريدون أنه الجميل الجيد المحتج به القوي.
س/ من أكثر عالم أبرز الحديث الحسن،
وعرَّف الحديث الحسن، وأن تعريفه لا يتطابق مع التعريف الذي استقر عليه علماء
الحديث؟.
ج/ هو الإمام
الترمذي،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق