الأكاديمية
الإسلامية المفتوحة / الفصل الدراسى الأول / مادة مصطلح الحديث / د.
رامز بن محمد ابو السعود
بسم
الله الرحمن الرحيم
الدرس (3)
س/ اذكر
مدارس علم الحديث ؟.
ج/ علم
الحديث له مدارس، مدرسة بصرية، ومدرسة مدنية، ومدرسة شامية، ومدرسة كوفية،
ومدرسة يمنية، مدارس متعددة.
س/ كيف
يورث الحديث العلم النظري في النفس؟
ج/ إذا
نظرت إلى حديث فوجدته أنه مدار الأسانيد، أنه حديث دار على عالم اشتهر بجمع أحاديث
النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما يأتيك الأعمش وهو إمام مدرسة الكوفة، فيروي
الحديث، ثم يأتي أنجب تلاميذه المختصين به، العلماء المتقنين الحفظة لحديثه، فيروي الحديث عنه، وهلم جرا، وتسلسل
الطبقات بهذا، تلميذ نجيب عن شيخ نجيب، وهلم جرا، فهذا يورث في نفسك طمأنينة بثبوت
الأمر.
ثم بعد هذا أنظر إلى كلام العلماء المتقدمين،
علماء الحديث، أرباب العلل في الجرح والتعديل والعلل، فنجد أنهم يتفقون على صحة
الحديث، وأن الحديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.ماذا تريد بعد ذلك، أهل
الفن أدرى بفنهم، فدع علم الحديث لأهله، للمختصين به، فهذا يورث العلم النظري، ليس
غلبة الظن.
س/ وهذه
القرائن هل تكون منقدحة متأججة في خلد الإنسان العادي، الذي ليس له اطلاع بعلم
الحديث، أم في خلد العالم الذي تبحر وظهرت له القرائن؟
ج/ في
خلد العالم الذي تبحر.
بعض العلماء قد لا تفيد صدق الخبر عنده
أصلا، لكن علماء الحديث المتبحرون يرون فيه اليقين التام بثبوته عن النبي صلى الله
عليه وآله وسلم.
س/ لماذا
ذهب بعض المتكلمين أو طوائف منهم إلى إنكار خبر الآحاد أن يكون حجة في الاعتقاد في
الأمور العقدية ؟.
ج/ ذهب
بعض المتكلمين أو طوائف منهم إلى إنكار خبر الآحاد أن يكون حجة في الاعتقاد في
الأمور العقدية، قالوا لأن الأمور العقدية توجب اليقين، ومنه عقدت الحبل، وعقدتها على
القلب، أي استيقنتها، وخبر الآحاد يفيد غلبة الظن، فلا يجوز أن يفيد خبر الآحاد
أكثر من هذا المدى، فكيف يحتج به على ما يلزم منه اليقين، فقالوا خبر الآحاد ليس
حجة في الاعتقاد، وإنما هو حجة في الحلال والحرام، في أبواب الأحكام الفقهية، أما
في الاعتقاد فلابد من المتواتر الذي يفيد اليقين والقطع.
هذا الأمر حقيقة ما قال به أكثر أهل
العلم، ولا تبنوه.
س/
ما هى المواقف من السنة ومن وفعل الصحابة رضوان الله تعالى التى تدل على قبول خبر
الآحاد بالتسليم فى الحلال والحرام ؟.
ج/ النبي
صلى الله عليه وآله وسلم عندنا مواقف عدة من خلالها يتبين هذا الأمر،
·
قصة
تحويل القبلة، أن الصحابة كانوا
يصلون إلى المسجد الأقصى، وأتى مناد من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم
يصلون أن القبلة قد تحولت إلى البيت الحرام، طيب أولا كثير منهم أتصور أنه لم يعرف
من هو المنادي، لم يميزه باسمه، صح أم لا؟
من
هو؟ هم في صلاة لم ينفكوا من الصلاة، ولم ينقطعوا عنها، بقوا في صلاتهم وحولوا
القبلة، إذن انظروا معي، أولا أخذوا أن الأصل بالمسلم ماذا؟ الثقة، نعم العدالة،
كثير منهم أنا متأكد أنهم لم يميزوا الصوت، ولم يعرفوا من القائل، لكنه أكيد أنه
صاحب من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وما كان له أن يقول هذه الكلمة إلا
عن علم بأمر أخبره به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو سمعه من كلام الله يتلى
على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم، هذا الأول.
الثاني:
هل تبحروا في الموضوع وسألوا وأرادوا أن يتحقق لهم اليقين، ولا امتثلوا وعملوا..
امتثلوا وعملوا مباشرة فقلبوا القبلة، فغيروا وجهتهم إلى المسجد الحرام، إذن خبر
الآحاد عندهم أفاد العمل، أم لا؟ أفاد العمل، وأوجب العلم النظري الذي يتحقق القلب
به طمأنينة على ثبوت الأمر وصدقه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم. هذا موقف.
·
إراقة
الخمر في الطرقات، نعرف أن الخمر قد
حرم تدريجيا، وآخر مراحلها كان قول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى﴾
[النساء: 43]، ورد في الصحيحين أن الصحابة كان لهم دواوين، أو جلسات وكانوا يشربون
الخمر من حديث أنس، اجتمعوا في بيت أبي طلحة يشربون الخمر، عدد من الصحابة، فأتاهم منادٍ ينادي بأمر رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم، منادٍ في الطريق ما عرفوه ولا ميزوا صوته، قال: إن
الخمر قد حرمت، فأراقوا الخمر وليس هذا النادي فقط، وإلا لو كان نادي في بيت أبي
طلحة أراق الخمر، ما جرت بها سكك المدينة، كما في
رواية البخاري، فجرت بها سكك المدينة، إذن منادٍ واحد لف المدينة، قال: إن
الخمر قد حرمت، كل الأبيات أبيات الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، ما أتى بيت وقال
أريد القطع واليقين والعلم النظري أو العلم اليقيني أريد أن أسأل النبي صلى الله
عليه وآله وسلم وأتبين، والنبي بين جنباتهم وعندهم، صح أم لا؟ لكنهم إنما سمعا
وطاعة.
فإذن أفاد الخبر هذا،
خبر الواحد أفاد العمل، وأورث صدقا لقائله أو صدق قائله، صح أم لا؟
·
حادثة
أخرى في زمن أبي بكر الصديق، قصة مشهورة مع ميراث
الجدة، أن أبا بكر لما أتته الجدة في ميراثها، فقال ما أعلم في كتاب الله ولا سنة
نبيه صلى الله عليه وسلم شيئًا، ليس لك ميراث، فشهد المغيرة أنه سمع من النبي صلى
الله عليه وآله وسلم شيئا، فطلب أبو بكر مع المغيرة شاهدًا، ، فقام محمد بن مسلمة
فشهد، فأمضى أبو بكر رضي الله تعالى عنه، سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، طيب
شاهدان أليست من حديث الآحاد، صح أم لا؟ نسميه عندنا العزيز، إذا تكرر في جميع
طبقات الإسناد.
فأقر أبو بكر وأمضى
هذا وأورث الجدة ميراثها الذي أورثها إياه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
·
موقف
آخر، عمر رضي الله تعالى عنه،
وأنتم تنبهوا بدأت في موقف النبي صلى الله
عليه وآله وسلم، ثم ثنيت بالخلفاء الراشدين، الذين قال النبي : «عضوا عليهم
بالنواجذ»، نعم، عمر رضي الله تعالى عنه في قصة أخذ الجزية من المجوس، لم يعلم
بهذا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكان لا يريد أن يأخذ الجزية من المجوس،
يجري بهم جري الوثنيين.
فأتاه
عبد الرحمن بن عوف فشهد أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من المجوس،
فأمضاه، أي طبقه، وامتثل ما أبلغه به عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وآله
وسلم.
·
عثمان
رضي الله تعالى عنه، في قصة فريعة بنت مالك في سكن المتوفى عنها
زوجها لما شهدت بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ عثمان به وقال به.
إذن انظروا إلي الآن، هؤلاء الخلفاء، بل
قبلهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان يبعث الواحد، ويعتبر ذلك كاف في إيصال
الرسالة، وأن الصحابة يلزمهم الانصياع والامتثال.
إذن من خلال ما ذكرت، ما ترون؟ خبر
الواحد هل يوجب العمل والامتثال، ولا يفرق بين العقيدة وغير العقيدة؟
{يوجب العمل والامتثال}
فإن قال قائل: كل ما ذكرته من أحاديث
النبي صلى الله عليه وسلم وفعل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم إنما كان في الحلال
والحرام، وهذا لا ننازعك فيه، هذا نتفق معك، أن خبر الآحاد يوجب العمل في الحلال
والحرام، ولو أفاد غلبة الظن، لأن غلبة الظن كافية في التعبد في الحلال والحرام،
لا ننازعك، فليس كل ما ذكرته بمورد نزاع.
س/
ما هى المواقف من السنة التى تدل على قبول خبر الآحاد بالتسليم فى في الاعتقاد ؟.
ج/ أمر
مستقر ذكرته كل بطون كتب الحديث، وكل بطون كتب السيرة، النبي صلى الله عليه وآله
وسلم لما أسلمت أو آمنت أو صدقت أبيات كثيرة في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم
وهو بمكة، أرسل لهم يعلمهم القرآن والدين والعقيدة من؟
·
مصعب
بن عمير لما أرسل بأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليعلم أهل المدينة الدين.
واحد مصعب بن عمير فقط، لا، لابد أن يرسل عشرة خمسة
عشرة عشرين ثلاثين، صح أم لا؟
مصعب
بن عمير، الآن هذه المرحلة مكية ولا مدنية؟ هذه كانت آخر المراحل المكية، يعني
أريد أن أصل أن الأحكام الفقهية بارزة في العهد المكي أم لا؟ لا، إذن كل ما يريد
أن يعلمه أو جل ما يريد أن يعلمه مصعب هو عقيدة، لأن المرحلة المكية كانت مختصة
بترسيخ العقيدة، ما تكلمت عن صلاة ...
صلاة ولا صيام ولا زكاة ولا حج، ولا ولا ولا.. صح أم لا؟ هذه كلها في العهد
المدني، فإذن مصعب بن عمير لما أرسل بأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليعلم أهل
المدينة الدين، أول ما يعلمهم ماذا سيعلمهم؟ العقيدة، ومع ذلك النبي صلى الله عليه
وسلم اعتبره كاف ببلوغ العقيدة وقبول أهل المدينة لما يقوله مصعب بالرضا والتسليم
صح أم لا؟
إذن
بربكم هذا فصل ولا ما هو فصل؟ هذا الموقف؟ فصل، إن كانت الأولى ترد على ما يقوله
القائل أن تلك إنما وردت في أحاديث الحلال والحرام، فما يجاب عن مصعب بن عمير، وهو
الذي خرج بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليعلم الناس العقيدة، فدل على أن
خبر الآحاد حجة أيضًا في العقيدة، وإلا ما كان للنبي المشرع صلوات ربي وسلامه عليه
أن يرسل واحدا لا تقوم به الحجة، صح أم لا؟ لا تقوم به الحجة في البلاغ؟، فدل على
أن خبر الواحد حجة في الاعتقاد.
·
موقف آخر: النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يرسل برسله إلى
اليمن، بعث اثنين، أرسل معاذا وأبا موسى الأشعري، حين ابتدأت اليمن في
الدخول في الإسلام، ليعلموا الناس، والحديث في الصحيحين، وحديث معاذ لما قال النبي
صلى الله عليه وسلم: «إنك ستقدم قوما أهل كتاب،
فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا ... فإن هم أطاعوا
لك بذلك»، إذن أول شيء سيعلمهم ماذا؟ العقيدة.
هم
يريدوا أن يدخلوا في دين الله عز وجل، طيب ومعاذ وأبو موسى كم هذا؟ متواتر؟ لا،
هذا آحاد، والحق يقال أن أصلا النبي صلى الله عليه وسلم أول الأمر بعث معاذا ثم
أتبعه بأبي موسى، فإذن الذي أريد أن أصل إليه، إذن هذا فعل النبي صلى الله عليه
وآله وسلم، وهو المشرع الذي لا ينطق عن الهوى، والذي هو يقرر ما الخبر الذي يكون
حجة، والخبر الذي لا يكون حجة، ومع ذلك من فعله، ونحن نعلم أن الحديث فيما عرفناه،
هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو إقرار، تقرير، مجرد
تقرير، فكيف بفعله صلى الله عليه وسلم، أنه أرسل الواحد ليعلم الناس أمر عقيدتهم،
وألزم الناس بالانصياع والامتثال لذلك الواحد، وإلا ما كانوا أتباع الحبيب النبي
صلى الله عليه وآله وسلم، صح أم لا؟
كما قلت لكم: «إنك تقدم قوما أهل كتاب، فإن جئتهم فادعهم إلى شهادة أن لا
إله إلا الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك ...» إلى آخر الحديث، وبعث النبي
صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر رضي الله تعالى عنه أميرا على الحج، وأرسل عليا
رضي الله عنه بالقرآن المتواتر وهو واحد يقرأ على الحجاج، قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ ...﴾ [التوبة: 17]، إلى آخر الآيات.
·
وبعث
صلوات ربي وسلامه عليه عليا رضي الله عنه قاضيا ومعلما إلى اليمن،
وكل هذه الأحاديث التي سقتها في الصحيحين أو أحدهما، فما يفيد خبر الآحاد؟
يوجب العمل أم لا؟ هل نفرق بين العقيدة
والحلال والحرام؟ هل فرّق النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما بعث مصعب بن عمير،
قال له انتبه أنت علمهم الحلال والحرام ولا تعلمهم العقيدة، هل هذا؟ بل بالعكس
القرآن متواتر الذي نقله مصعب بن عمير، وأول ما يعلمهم سيعلمهم كتاب الله، صح أم
لا؟ سينقل إليهم بخبر واحد، وهو متواتر، ونحن اشترطنا أن التواتر لابد أن يكون في
كل حلقة من حلقات السند، صح أم لا؟ في كل طبقة من طبقات السند، ما هكذا تكلمنا.
س/ما
القرائن التي قامت على صدق مصعب بن عمير؟.
ج/ أول
قرينة أن الذي أرسله –وهذا قرينة كافية- أن الذي أرسله من هو؟ لم يرسل النبي صلى
الله عليه وسلم رجلا مطعونا في دينه، كذوبا على الله أو كذوبا رسوله صلى الله عليه
وآله وسلم، صح أم لا؟
ثانيا: ما يراه أنه من
ديانة وسمت ووقار وهيبة وتعظيم لله ولرسوله..
س/
خبر الواحد يوجب العمل، وتؤخذ منه العقيدة أم لا؟
ج/ خبر
الواحد يوجب العمل، تؤخذ منه العقيدة، ولا فرق بين الحلال والحرام وبين العقيدة
التي أتى بها النبي صلى الله عليه وسلم.
س/ كيف
يكون خلق المسلم مع كتاب الله، و مع حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟.
ج/ حال
المسلم مع حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأني إذ تأملتم قول أولئك المتكلمين
حقيقة تجده إنما خرج من بوتقة عدم إجلال وعدم الانصياع وعدم الامتثال التام لحديث
النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في المقابل تواردت الآيات بل تواترت الآيات
وتكاثرت وتظافرت على لزوم اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى لزوم طاعة
النبي صلى الله عليه وسلم، ﴿وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾
[النور: 54]، فالواجب على المسلم حقيقة يا إخوة، هذه من أبلغ ما يكون، ومن أعظم ما
يكون إجلالا للنبي صلى الله عليه وسلم ولحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
الواجب إلى سماع المسلم قولا لله أو
قولا لرسوله صلوات ربي وسلامه عليه، ما كان قول المؤمنين إلا أن يقولوا سمعنا
وأطعنا، والآيات قد تواترت في هذا، ﴿وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾
[النور: 54]، ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾
[المائدة: 92]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ [النساء: 59]، ﴿وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ
أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ
وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء: 69]، وقال
الله عز وجل: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي
يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾
[آل عمران: 31]، الآية التي بعدها: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ
وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾
[آل عمران: 32]، يا الله.
وسمهم الله بماذا؟ بالكفر، ﴿فَإِن تَوَلَّوْا﴾، فلم يمتثلوا لأمر رسول الله، ولو
يمتثلوا أولا لأمر الله، ولم يطيعوا رسول الله، وميزوا بين خبر وخبر عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وكل هؤلاء مورثة الطمأنينة في القلب، إن احتفت القرائن التي
ذكرنا طرفا منها.
حقيقة يا إخوة أين حال المسلمين، ما
الواجب على المسلمين إلا أن يقولوا سمعنا وأطعنا، ﴿مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ
أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء: 8]، ﴿وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن
تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ﴾
[النساء: 13، 14]، مقابل الطاعة: ﴿وَمَن يُطِعِ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ
فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾، مقابله: ﴿وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ
نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ [النساء: 14].
وقال جل جلاله: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ
وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا
وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيخْشَ اللَّهَ وَيتَّقْهِ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [النور: 51، 52].
إذن هذا خلق المسلم مع كتاب الله، هذا
خلق المسلم مع حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، السمع والتسليم، السمع
والطاعة والتسليم والانقياد لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
س/
ما هو أعظم وأهم فرق بين أصحاب الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه، ورضوان الله عنهم،
وبين غيرهم من الأمة؟.
ج/ وإذا
أمعنت النظر في حال سلفنا الصالح أعني أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ميزت
بينه وبين غيره، وبينت أعظم وأهم فرق بين أصحاب الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه،
ورضوان الله عنهم، وبين غيرهم من الأمة، وهو سرعة الامتثال والاستجابة لله
وللرسول.
س/
اذكر قصة تدل على سرعة السمع والطاعة والامتثال من الصحابة للنبي صلى الله عليه
وسلم؟.
ج/ والقصص
في هذا تترى، نسوق عليكم قصة واحدة، تدل على السمع والطاعة والامتثال للنبي صلى
الله عليه وسلم ..... وهو ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن أبي
أوفى، وأنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قالا: أصابتنا مجاعة يوم خيبر، ونحن مع
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة خيبر... أصابتهم ماذا يا إخوة؟ مجاعة،
ماذا تعني؟ جوع شديد، لاحظ مجاعة على وزن مبالغة، جوع شديد، وقد أصبنا للقوم
حمرا خارجة من المدينة فنحرناها، يعني
هربت من حصن اليهود حمر أهلية، فذبحوها وأرادوا أن يأكلوها.. فنحرناها، فإن قدورنا
لتغلي، لا إله إلا الله، يعني ماذا؟ أين الحمر؟ ذبحت وقطعت وسلخت ووضعت في النار،
والنار الآن تغلي، خلاص ما بقي شيء إلا الأكل، والمجاعة حلت بهم، فقال وقد أصبنا
للقوم حمرا خارجة من المدينة، فنحرناها، فإن قدورنا لتغلي، إذ نادى منادي رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر، فأكفئت
القدور بما فيها.. الله أكبر..
ما قالوا يا رسول الله ضرورات،
والضرورات تبيح المحظورات، وحاجة.. ويا رسول الله إلا من ... ما قالوا هذا.. إنما
قالوا سمعا وطاعة، الجوع مجاعة يعني جوع شديد، ومع ذلك واللحم أبدا مستو، ويا رسول
الله كانت حلال قبل قليل، خلي الحلال ماشي إلا أن نأكل.. لا لا .. ﴿مَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ ولَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ
أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾
[الأحزاب: 36]، هذا دأب المؤمن السمع والطاعة، لا أن يضرب لله الأمثال، ولا أن
يضرب لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمثال. صح أم لا؟
فهذا حال المؤمنين، وميز الله أمة
الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم عن سائر الأمم، أعني أخص أمة اليهود بأننا قلنا
سمعنا وأطعنا، ﴿قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي
قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ﴾ [البقرة: 93].
س/
هل فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين حكم خبر الآحاد وبين حكم خبر المتواتر؟.
ج/ خبر
الآحاد ما فارق النبي صلى الله عليه وسلم بين حكمه وبين حكم خبر المتواتر، وما رتب
على هذا أمر ورتب على ذاك أمر آخر، بل جعل الحكم آخر، والأمر يجري مجرى واحد..
فهذا حال المسلم الذي أمره الله، ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن
كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾ [الأحزاب: 21].
س/ من
أول من تكلم وقعد خبر الواحد وأنه يفيد العمل.. يجب العمل به، وأنه قد تحتف به
قرائن وأنه يجب العمل به، وأن خبر الآحاد حجة في العقيدة؟.
ج/ إمام
علم، إمام كتب كتابا، جعل ربع هذا الكتاب تأصيلا لهذه القاعدة
الإمام الشافعي ، في كتاب الرسالة..
خمس الكتاب أو ربع الكتاب، مئة صفحة تأصيل لهذه القاعدة، والرد على من يفرق فيقول
آخذ العقيدة بخبر المتواتر، ولا آخذه بخبر آحاد، فأخذ من نصيب الكتاب الربع
تقريبا، وهو يؤصل ويبين ويقعد أن حال النبي وحال السلف الصالح ما كان التمايز بين
هذا وذاك، بل كان الكل تحت السمع والطاعة والتسليم.. كله سمعنا وأطعنا، وقبلناه
وسمعنا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق