الاثنين، 6 يناير 2014

مصطلح الحديث (المحاضره السابعه )

الأكاديمية الإسلامية المفتوحة / الفصل الدراسى الأول / مادة مصطلح الحديث / د. رامز بن محمد ابو السعود        
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس (7)

س/ ما الإعتبارات التى تطلق على الشاذ ؟.
ج/ الشاذ يطلق على أحد اعتبارين.
الاعتبار الأول: وهو مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه، إما أن يكون هؤلاء الأوثق منه عددا لكثرة عدد، أو لحفظ، زيادة حفظ.
يعني ممكن يكون راوٍ يقابل راوٍ، لكن هذا راوٍ أحفظ من هذا الراوي، فيكون هنا مخالفة، فيسمى هذا شذوذا.
الاعتبار الثاني: وهو الذي عليه أكثر العلماء حقيقة وهذا مسلك كثير من علماء الرواية، وجمهور المحدثين كما ذكر هذا الحافظ ابن حجر، هو أن الشاذ سواء تفرد أو خالف، ثقة أم غير ثقة، إذن يطلق الشاذ على مطلق التفرد أو المخالفة، سواء كانت من ثقة أو من غير ثقة.
س/ ما هى العلة لغة واصطلاحا ؟.
ج/ العلة في اللسان العربي في اللغة هي المرض، يقال رجل عليل أي مريض سقيم،
والعلة في لسان المحدثين أو اصطلاح أهل الحديث: هى سبب خفي غامض يكتشف بعد النظر والتدبر فيظهر خطأ في الإسناد، فيؤثر في الإسناد، يقدح في الإسناد، أو في المتن.
س/ ما هو الحديث المعل ؟.
ج/ الحديث المعل هو ما اطلع فيه بعد التفتيش على علة قادحة فيه، والعلة هي سبب خفي غامض يطرأ على رواية المحدث فيؤثر في حديثه سواء كان تأثيره في السند أم في المتن.
العلة قد تكون في ميدانين اثنين، إما رواية الثقات، وإما رواية الضعفاء، فكذا فلا تستغرب أن تجد في كتب العلل، حديثا فيه رجل كذاب، ويقال منكر، باطل، لا أصل له، تقول لي هذا ليس يحتاج إلى خفاء ودقة ونظر، صح أم لا؟ لأنه كذاب ظاهر الأمر فيه.
فإذن ينبغي أن نطلع، ولو أردت فلو قلت لي عرف العلة تعريفا يجمعها كلها،
 العلة: هي غلبة الخطأ في الحديث، هي أمر يطلع فيه الناقد بعد النظر يتبين أن هناك خطأ أو غلبة خطأ في الحديث، فإذا ظهر للناقد وجود الخطأ حينها جعل الحديث معلولا، أو معلا.
إذن من ميادين العلل حديث الثقات، ومن ميادينه أيضًا حديث الضعفاء، لكن كأنني أريد أن أقول لما أبرز العلماء حديث الثقات، لماذا جعلوا التعريف مناط بالثقات، لأنه حقيقة تبرز إمامة العالم وتمكن العالم من علم العلل تبرز بحديث الثقات، الضعيف أي عالم في الجرح والتعديل.
س/ إن العلة تشمل حديث الضعيف كما أنها تشمل حديث الثقة، لكنها أبرزت في الثقة لماذا ؟.
ج/ العلة تشمل حديث الضعيف كما أنها تشمل حديث الثقة، لكنها أبرزت في الثقة، لأن هناك يتميز علماء العلل، وأرباب العلل، وأساطين هذا العلم، يبرزون في جانب حديث الثقة، حين يقول هنا الثقة هو ثقة في حديثه إلا أنه أخطأ هنا في هذا الحديث، هو ثقة في مجموع حديثه، أطلقوا عليه العدل الضابط، أي الذي ثبتت عدالته، واستمكن من ضبطه، لكنه هنا يكون قد أخطأ في الحديث.
س/ ما هى أسباب وقوع العلة في حديث الرواة عموما والثقات خصوصا ؟ .
ج/ عندنا جملة من الأسباب
السبب الأول: هو الضعف البشري، لأن البشر مجبولون على الخطأ والصواب، على النسيان، فالضعف البشري سبب عام يرد على كل راوٍ، سواء كان ثقة أم ضعيفا، لكن الضعيف يكثر فيه الضعف في حديثه، والثقة يندر ويقل.
السبب الثاني: ما اتصف به بعض الرواة من خفة الضبط، وكثرة الوهم، مع بقاء عدالتهم، فالثقات على طبقات ومراتب، كأنني أشير هنا إلى الرواة الذين هم دون مرتبة الضابط، الذين خف ضبطهم شيئا ما، أو الذين كثر خطؤهم شيئا ما، مع اتصافهم بتمام العدالة، بأركان العدالة، تحققت فيهم، لكن المشكلة عندنا في ضبطهم.
فهؤلاء خطؤهم سيكون أكثر من خطأ الضابط، صح أم لا، خطأ هؤلاء الذين قل ضبطهم، يضاف إلى السبب الأول وهو الضعف البشري، مع الضعف البشري عندهم ضعف في الحفظ، هذا يزيد الخطأ عندهم في حديثهم أكثر من غيرهم من الثقات.
السبب الثالث: هي الأسباب العارضة ،ما نسي علماء الحديث علماء العلل ما نسوا أن الإنسان بشر، يعتريه حالات من الحفظ وحالات من الضعف، وحالات من الخطأ وحالات من النسيان.
فرجل يعتمد على كتابه، فيسافر ويترك كتابه، ويحدث في سفرته بحديثه، مشكلة؟ رجل احترقت كتبه، رجل ضاعت كتبه، هؤلاء لا يعتمدون على الكتاب، رجل حافظ، لكنه كبر سنه، وما زال طلاب الحديث على بابه، يطلبون علم الحديث، وهو لم ينسَ حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «من كتم علما  ألجمه الله بلجام من نار»، فيريد أن يؤدي الحديث لكن حفظه قد ضعف، كبر سنه، واختلط ، كضياع الكتب، احتراق كتبه، عدم أخذ كتبه معه في أسفاره، وهو في الأصل يعتمد على كتابه، الانشغال عن علم الحديث بالعلوم الأخرى كالفقه والقراءات والقضاء وغيرها.
نحن نقرأ القرآن على رواية حفص عن عاصم، وحفص إمام في القراءة، مرجع، حجة، وعاصم ابن أبي النجود، إمام مرجع حجة في القراءة، لكنهما في الحديث ضعاف، نعم، وليس عيبا، لكثرة اختصاصه في علم القراءات، انشغل به وأخذ حياته كلها وفكره ووقته وجهده فقل حفظه لحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مع تمام العدالة، العدالة تامة، ما عندنا مشكلة، لكن المشكلة في الضبط.
فإذن انتبهنا إلى هذا الجانب، أن الراوي قد يتميز أو المحدث أو أن العالم قد يتميز بفن على فن،
مثلا شريك بن عبد الله القاضي النخعي الكوفي، كان رجلا كما ذكروا في ترجمته وأظن أن ممن ذكر هذا ابن حبان، أنه كان قويا حافظا، لكن ضعف فصار الآن ضعيفًا سيء الحفظ، بعد انشغاله بالقضاء.
انشغل بالقضاء والله الله هؤلاء القضاة انتبهوا، انشغل بالقضاء عن حديث رواية الحديث، فصار يخطئ فيها شيء ما، وضعف، وكثر خطؤه شيئا ما، فضعف اعتماد المحدثين عليه في رواية الحديث.
السبب الرابع: قصر الصحبة للشيخ، وقلة الممارسة لحديثه، يعني أنتم الآن يا إخوتي طالب ملازم لشيخه عشر سنوات، مثل طالب أخذ من شيخه درسا أو درسين، أجيبوا؟ هل في الأداء وفي الفهم وفي الاستيعاب على الشيخ سواء؟ لا والله.
هذا أحيانا قد يخطئ الشيخ وهو بشر، فيتنبه الطالب الملازم إلى أن الشيخ أخطأ، هذا ليس من حديثه، وأحيانا يصحح للشيخ، لكن الطالب الذي أتى أول مرة وثاني مرة وثالث مرة، ما يعرف، صح أم لا؟ فلا يتنبه لخطأ الشيخ.
فكلما كثرت الملازمة والاختصاص كثر الضبط والإتقان،
حقيقة أنا أذكرها الآن، أذكر هذا وأنا أدرس في حديث ما أشكل علي جدا الحديث من رواية أبو نضرة المنذر بن مالك بن قطعة البصري، من روايته عن ابن عباس، أبو نضرة المنذر بن مالك بن قطعة نعم، حقيقة الرجل ثقة، ويروي الحديث عن ابن عباس، لكن فيه علماء أشاروا إلى إعلال الحديث، يعلم الله كم جلست من الأيام، أريد أن أفهم لماذا؟ الرجل ثقة، ثقة، وقد ألمح إلماحة يسيرة من ابن حبان، وابن حبان شديد حقيقة عسر، قال كان يخطئ، أو ربما أخطأ، بهذه العبارة.
لكن الكل متفق على ثقته، فالحديث في ظاهره صحيح يرويه عن ابن  عباس، وقبل أبي نظرة أبدا الحديث ثابت بالقطع، جماعات من أصحابه رووا الحديث، والعلماء يشيرون إلى إعلال الحديث، منهم الإمام البخاري، قال: لا يتابع على حديثه.
فأشكل عندي هنا، هنا القصة بالملازمة، جلست مدة حتى فتح الله علي، بكلمة قالها الإمام علي بن المديني، قال أصحاب ابن عباس ستة، هذا في كتابه العلل، الذين أخذوا علمه وأحاطوا بفقهه ونهلوا من حديثه، المختصون هؤلاء الجبال، هؤلاء المختصون الملازمون لابن عباس، عطاء بن أبي رباح، مجاهد بن جبر، سعيد بن جبير وهو أعلمهم وأفقههم، وعكرمة، وطاووس كيسان ، وجابر بن زيد.
هؤلاء أصحابه الذين أخذوا علم ابن عباس، طيب أين أبي نضرة المنذر هذا، أين هو، موجود منهم، لا، فقلت أنا كيف.. انتبه يا إخوة طالب الحديث ينبغي أن يسترشد بصنيع العلماء، فالخطوة التالية ينبغي أن ينظر صنيع صاحبي الصحيح، كيف أخرجوا، ترى الرجل من رجال البخاري ومسلم أبي نضرة المنذر بن قطعة، من رجال البخاري ومسلم، فنظرت إلى صنيع صاحبي الصحيح أنظر كيف أخرجا له، فلم يخرج له البخاري إلا حديثا واحدا متابعة، هذه أول واحدة، قصة جابر، جمل جابر، مشهور الحديث في صحيح البخاري، لم يخرج له إلا حديثا واحدا متابعة، قد توبع من جماعة من الثقات، بل أشار إلى خطئه في مقدار ما في الحديث، أشار إلى خطأ أبي نضرة في الحديث، أنه أخطأ بكلمة في الحديث، في البخاري في الصحيح لما أخرج أشار إلى أنه أخطأ في كلمة، أبي نضرة أخطأ في الحديث في كلمة.
مسلم، مسلم أخرج له نيفا وستين حديثا، يعني الرجل مكثر عنه الإمام مسلم، ويعلم الله، ما أنه ليس.. يعني أنا كنت أكتب فيه رسالة دكتوراه، وليس هذا موضوعي، تركت شهرين كاملين، وأنا أدرس حديث أبي نضرة حديثا حديثا، هذه الستين حديث، كي أنظر أجمع هل الآن سأنظر كيف أخرج له الإمام مسلم هل هو أخرج له في الأصول أم في المتابعات، لم تسعفنِ الكتب، فاضطررت إني أدرس حديثا حديثا أجمع الطرق كلها الستين رواية، مع أنها ليست شغلتي، وليس تخصصي، يعني ليست تهمني، لن تخدمني في رسالتي، لكن تخدمني في فهم كلام العلماء.
بعد ما أنهيت، وأخذ مني شهرين حقيقة أو أكثر هذا التتبع، بعد ما أنهيت، فإذا كل أحاديثه في من الأصول وفيه من المتابعات، نعم يخرج له أصول هذه مشكلة الآن، إذن هذا ممن يعتمد عليه الإمام مسلم  أصولا، فتخطئته ليست بالأمر الهين أبدا لا والله، ما هو بالأمر الهين.
بعد ما أنهيت هذا الأمر، قلت عن من يروي، فإذا بكل الأحاديث في مسلم رواها عن أبي سعيد الخدري، كل ما أخرج له مسلم من رواية أبي نضرة المنذر بن مالك بن قطعة عن أبي سعيد الخدري، إذن الرجل مختص بمن؟ بأبي سعيد، كأن الإمام مسلم ، قال هذا الرجل لا لا، ولم يروِ عنه إلا مرة أنه سأل ابن عباس سؤالا ثم رد في قضية الربا، ثم رجع فسأل أبا سعيد عنه.
فكأن الإمام مسلم، هذه هي أرباب العلل يا مشايخ، يتفطن أين الرجل يتميز، أين يتميز؟ فوجد الإمام مسلم أن الرجل متميز في من؟ مختص في من؟ بأبي سعيد الخدري، فنهل من علمه، أخرج عامة كثير من حديث أبي سعيد من طريقه، الرجل إمام، هو من أثبت بل أثبت أصحاب أبي سعيد الخدري على الإطلاق، ملازم له، فأخرج حديثه، نهل منها، نهمها، بينما ابن عباس لم يخرج له ولا حديث، كأنه يشير إلى ماذا؟ لا لا ليس مختصا بابن عباس، لن أعتمد عليه في حديث ابن عباس.
وحينئذ تلاقح كلام العلماء تلاقح أم لا؟ تلاقح، صح أم لا؟ لما قال البخاري لا يتابع على حديثه، إي نعم، نظر إلى ذات التي نظر إليها الإمام مسلم، الإمام مسلم طبق هذا ممارسة عملية، لذلك يا إخوتي طالب العلم هذه ينبغي عليه، لا تتجاسر مجرد أن تقرأ المصطلح قراءة نظرية، أن تتكلم في الجرح والتعديل، الجرح والتعديل هين، أن تتكلم في العلل إلا بعد أن تدمن النظر في كلام الأئمة العلماء، شموس الهدى، أئمة العلل، وتحاول تفهم هذا الأمر.
إذن من أسباب العلة قصر الصحبة للشيخ وقلة الممارسة لحديثه، فلا يميز لحديث الشيخ تماما عن حديث غيره، لذلك تجد العلماء موضوعًا يسمونه الأشباه في علل الحديث، وهو من أعلى درجات علم العلل اختصاصا وتضلعا، وهو أن يأتي الإمام ويقول لك هذا الحديث يرويه معمر ولا يشبه حديث معمر.. أضرب لكم مثال.
كلمة قالها بعض الحفاظ، قال: معمر عن أنس يشبه حديثه حديث أبان بن أبي عياش، معمر ثقة، إمام، وأنس صحابي، والإسناد في أعلى درجات الصحة، وأبان بن أبي عياش متروك، يقول الإمام هذا لا ليس من حديث معمر، معمر عن أنس يشبه حديث أبان، أنس تذوقت حديثه، لم يستذوقها إلا من طول ممارسة وكثرة صحبة ... صح أم لا؟ كثرة عناية، أنس استطعمت حديثه، معمر عن أبان، هذه ... حديث المتون، لا تليق، إنما توافق وتشابه أحاديث أبان بن أبي عياش، فالله أكبر عندنا آلاف مؤلفة مئات الألوف من الرجال، كيف استخرج هذه الأحاديث فجعلها من مئات الألوف استخرج راويًا واحدًا وهو أبان وألصق هذا، سعة الحفظ والفهم والممارسة.
السبب الخامس: اختصار الحديث أو روايته بالمعنى رواية غيرت المعنى لقلة معرفتهم للغة العربية، يروي الراوي بالمعنى فيخل بالرواية فيكون سببا للعلة، وهذا ظاهر.
السبب السادس: الرواية عن المجروحين والضعفاء، بأن يروي الثقة عن بعض المجروحين والضعفاء، فيضعف حينئذ حديثه، فإذا أكثر الرواية عن المجروحين والضعفاء، ضعف عموم حديثه، ضعف العلماء عموم حديثه لأنه يكثر من الرواية عن المجهولين والمجروحين والضعفاء.
س/ ما هى وسائل الكشف عن العلة ؟.
ج/ كيف يكشف الناقد الإمام أن الحديث فيه علة، وسائل كثيرة، لكن أبرز وسيلتين
أبرز وسيلتين يكتشفان بعد جمع الطرق يكتشفان أن هناك علة، هما تفرد الراوي أو المخالفة.
س/ هل كل حديث فرد معلول ؟.
ج/ لا يعني أن كل حديث فرد معلول، أبدا، إطلاقا، فهناك بعض الأحاديث الأفراد في صحيح البخاري ومسلم، ومنها حديث: «إنما الأعمال بالنيات»، لكنها مؤشر.
س/ ما هى العلوم والأدوات التي ينبغي أن يلم بها العالم في علم العلل حتى يتمكن من اكتشاف العلة؟.
ج/ أولا: معرفة المدارس الحديثية، عندنا للبصرة مدرسة حديثية، والكوفة مدرسة حديثية، والمدينة مدرسة حديثية، ومكة مدرسة حديثية، واليمن مدرسة حديثية، والشام مدارس حديثية، ومصر مدرسة حديثية، ما وراء خراسان وما وراء النهر.. مدرسة حديثية،
مدارس على كل أصقاع الأرض بمدها، هناك مدارس حديثية، لكل مدرسة لها أسلوبها، متى تتحمل الصغير، كل مدرسة يختلف ماذا يبدأ طلبة الحديث، وهذا غاية في الأهمية في معرفة التواريخ ومتى بدأ طلبه، وهل هذا الحديث قبل أم بعد.. في غاية الأهمية، ولا أريد أن أبسط، فكل مدرسة لها خصائص ومميزات لحديثها، أهل الشام كانوا يختصوا بحديث المغازي، لأنهم على ثغر كانوا، فكان يكثر فيهم حديث المغازي والسير، إذن لهم طابع معين، هذا من جانب، وعندهم خصائص حديثية أخرى في جانب الرواية، ومدارات الأسانيد عندهم، بالإضافة إلى متى يتحمل طالب العالم متى يبدأ بتحمل الحديث، ومتى يتمم، وإلى آخره.
إذن هي مدارس حديثية ينبغي كأن عالم الحديث ينبغي أن يكون مخه أطلس، كل دولة إسلامية مقسمة إلى أقاليم، وبلدان، ومدارس، ويعرف كل مدرسة بما تتميز.
ثانيا: معرفة طبقات الرواة، ومن دار عليهم الإسناد، وأوثق أولئك الرواة، وأضعف أولئك الرواة.
كل مدرسة يحتاج أن يقسمها إلى طبقات، من زمن الصحابة إلى زمانه، وكل طبقة من المميز في هؤلاء الرواة ومن الضعيف فيهم، ومن عليه مدار الأسانيد، قصدي بمدار الأسانيد كررت هذا الأمر مرارا، كل مدرسة يكون فيها رواة مجموعة من الرواة قد أخذوا أكثر حديث النبي صلى الله عليه وسلم الموجود في هذه المدرسة، فتضلعوا فصاروا مدار أسانيد هذه المدرسة، الأعمش مدار أسانيد الكوفة في زمانه، أبدا نهائيا، مالك نافع مدار أسانيد المدينة، ابن جريج، عمرو بن دينار مدار أسانيد مكة، لذلك لما قال علي كلمته التي قالها لما قسم أصحاب ابن عباس ستة، قال: وكان أفقههم سعيد بن جبير، وأخذ علمهم عمرو بن دينار، وأخذه منه اثنان ابن جريج.. لاحظ كيف خطوة خطوة، يقسمهم مدارات مدارات، طبقة طبقة.
إذن يلزم لا يكتفي عالم العلل بالمدارس، بل يلزم أن يغوص في أعماق كل مدرسة، وينظر إلى رواتها أوثق، ومن هذا نتكلم .. يذكر العلماء أصح الأسانيد، وأضعف الأسانيد، أصح الأسانيد في البصرة كذا وكذا، وأضعف الأسانيد كذا وكذا.
ثالثا: معرفة الأحاديث في كل باب من أبواب الفقهية وجمعها، وكيف يتجلى أو يتميز الخبيث من الطيب، الصحيح من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الخطأ فيه، إذا لم تجمع أبوابه، صح أم لا؟
فلابد أن يكون مع ذلك متخصصا بالمدارس، متخصصا أبدا أحاديث الطهارة، في موضوع بم يطهر؟ مثلا، هل الماء فقط المطهر أم غيره، يجرد يكرر الأحاديث في ذهنه، عندي اثنا عشر حديثا، هذه واحد اثنين ثلاثة، هي الأحاديث المتعلقة بهذا  الباب، تكون كلها بطرقها وأسانيدها أين؟ في دماغه في عقله في فكره، كأنكم تقولون حاشا وكلا أن نكون من علماء العلل، إي والله لا نستطيع، أسأل الله أن تكونوا كذلك، لكن والله ما يحوذه أحد، كبير أحد.. في زماننا لا يحوذه أحد.
رابعا: معرفة المتشابه من الأسماء والكنى والألقاب، تجد مئات الألوف من الرواة، ما يتشابهان راويان أو ثلاثة في الاسم إلا وعشرة، لذلك ألفت كتب في هذا، أبرز الخطيب في هذا تبرزا وإلا فكتب ... في هذا.. متفق المفترق، والمؤتلف المختلف وهلم جرا.. كتب كثيرة في المتشابه من الأسامي والكنى والألقاب.
خامسا: معرفة مواطن الرواة ليتابع الناقد حركته في الحديث، هذا الراوي مشى هنا، سافر من هنا إلى هذه البلدة، معمر بلده اليمن سافر إلى مكة.
معمر إمام في الحديث في زمانه، إمام إليه شدت الرحال، أكثر من شدت إليه هو وعبد الرزاق رحلة اليمن، مدار الأسانيد اليمنية كلها، سافر إلى ابن جريج سفرتين، قالوا في الأولى أصاب، وفي الثانية حديثه مخطئ، أخطأ في أحاديث كثيرة، ميزوا سفرتين، ثم سافر إلى البصرة، ونسي كتابه، فأخطأ هناك.. أبدا يتحسسونه وكأنهم جواسيس، يتتبعون الراوي، أين يتحرك، وهنا عندما تحرك كيف حديثه وكيف أداؤه، وكيف استقامة حديثه، وهل بقي على الجادة أم .... وهلم جرا..
معرفة مواطن الرواة ليتابع الناقد حركته في الحديث، ومدى أثر هذه المواطن على تغير حال الراوي، نعم.
سادسا: معرفة الوفيات والولادات، متى مات ومتى ولد، ليعرف الاتصال من الانقطاع، وهذا أبرز ما يميزه، فيميز متى ولد ومتى مات.
سابعا: معرفة من أرسل، ومن دلس، ومن اختلط، لأنه كل الرواة محسنون، وليس كل الرواة مدلسون، وكذا الحال في المختلطين، فلابد أن يكون عالما بهؤلاء الرواة، الذين أرسلوا هم فلان وفلان، الذين دلسوا هم فلان وفلان، الذين اختلطوا هم فلان..
ويا ليت شعري أن يقفوا عند ذلك، بل يقول لك مراسيل سعيد من أصح المراسيل، مراسيل الحسن شبه الريح، يعني حتى المراسيل درسوها وميزوا هذه المراسيل جيدة وهذه المراسيل ضعاف، يأخذها الحسن عن المجاهيل وضعفاء شبه الريح.
ثامنا: معرفة أصحاب كل شيخ، أنتم طبقات التلاميذ، نسميها أصحاب الشيخ، الأصحاب، تلاميذه، من المميز من المبرز فيهم ومن دونه، وهلم جرا.. يقسمونهم إلى طبقات حتى أضعفهم.
فيقول أصحاب الزهري خمسة، أول طبقة المكثرون الحفاظ المتقنون، آيات الحفظ، وهم مع ذلك كثيرو الملازمة، الطبقة الثانية الذين تميزوا بالملازمة الطويلة، لاحظوا قدموا الملازمة على الحفظ، الذين تميزوا بالملازمة الطويلة لكنهم ثقات، المرتبة العليا، لكنهم دون أولئك في الإتقان، ثم الطبقة التي بعدها الحفاظ المتقنون لكن قلت ملازمتهم للشيخ، بعد هذا الذين قلت ملازمتهم وهم دون الثقات المتقنون، ثقات لكنهم دون ثقات متقنين في الحفظ، ثم الضعاف، ميزوهم تميزا.
تاسعا: معرفة أهل البدع والأهواء، طبعا حتى يبنوا على هذا هل تقبل روايته على ما ذكرناه من تفصيل أم لا تقبل، صح أم لا؟
هذه بعض الأدوات التي ينبغي أن تكون في خلد عالم الحديث بل عالم العلل، ولن يجرؤ عالم علل أن يتكلم في العلل فيبرز قوله وينسب إلى علماء العلل إلا وقد أحاط بكل هذه الأدوات وزيادة.
س/ خبر الواحد يفيد العلم النظري إذا احتفت به قرائن فما هى ؟.
ج/ هى ثلاث قرائن
الأمر الأول: أن يكون الحديث في الصحيحين أو في أحدهما، هذا يورث العلم النظري.
الأمر الثاني: أن يكون مسلسلا حافظا ثقة عن حافظ ثقة عن حافظ ثقة متصل بالحفاظ المتقنين.
الأمر الثالث: أن الرواة بلغوا فيه حد الاشتهار والاستفاضة، لم يبلغوا التواتر لا دونه، لكنه كثرت مخارجه وتعددت طرق الحديث فيورث العلم النظري.
س/ إلى كم قسم تنقسم العلل ؟
فالعلل تنقسم إلى قسمين، علل في الإسناد، وعلل في المتن.
أحيانا العلة قد تقدح في إسناد من الأسانيد، لا في أصل الحديث، لا في المتن، فيصح المتن، وتضعف بعض طرقه المؤدية إليه، ما تضعف  ذكروني بهذه الكلمة، سأرجع إليها، قولوا لي قلت لا تضعف.. أو ذكروني بأن العلة غلبة خطأ وليست ضعفا.
العلة علتان:
·        علة في الإسناد متركزة على الإسناد، وهذه قد لا تؤثر على المتن، إنما نخص إسنادا بعينه دون المتن،
·        وعلة تقدح في المتن، في الأصل، في أصل المتن كله، فيكون المتن كله غير محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وللفائدة هنا اختلف المحدثون والفقهاء، فالمحدثون يرون أن العلة على نوعين، إسناد ومتن، الفقهاء لا يعتبرون ذلك إذا أردت أن تقرأ في كتب أصول الفقه تكلموا عن موضوع العلة في الحديث وهذه موجودة، تنبه أنهم يعنون علة المتن ولا يعنون علة الإسناد في شيء، لأن غاية الفقه هو المتن، ما يهمه الأسانيد، هذه شغلتك أنت يا محدث، اسهر الليالي وسافر وارحل وابحث، أنا يهمني متن الحديث، أريد أن أستنبط الحكم الشرعي من الحديث، من حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، هذا هو الفقه، أليس هو استخراج الحكم الشرعي من أدلته التفصيلية، هذا هو الفقه، فلا يعنيني أن الإسناد ضعيف لا يصح، أنا يعنيني مجموع الأسانيد هل تواردت أورثت في النفس غلبة على صحة الحديث وثبوت المتن إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
فالعلة عند الفقهاء مختصة بالمتن لا بالإسناد، فلا يعرفون علة الإسناد ولا يقيمون لها كبير بال إطلاقا، والحق يقال أن أكثر العلل في كتب المحدثين هي علل إسناد.
أكثر العلل يشيرون إلى علة .. يعني العلل للإمام الدارقطني تجد حديث في الصحيحين في البخاري ومسلم ومذكور في كتاب العلل له، لكنه يريد أن يعل رواية ليست من روايات الصحيح، رواية خارج الصحيح، فيريد أن يعل هذه، هو لا ينظر إلى المتن، ما يعنيني المتن، أنا كعالم علل ما يعنيني المتن إطلاقا، أنا كعالم علل ما يعنيني المتن إطلاقا، أنا اشتغل هنا في إسنادنا، وقد أحيانا يكون المتن من ثلاثة طرق، يأتيني ثلاثة طرق، فأعل الأولى والثانية والثالثة، فحينئذ تلقائيا سيعلل المتن، لأن كل الروايات غير محفوظة فيكون المتن غير محفوظ.
س/ أين يغلب وجود الحديث الصحيح، في أي كتاب؟.
ج/ أبرز مظان الحديث الصحيح الصحيحين، الصحيحين الذين تلقتهما الأمة بالقبول، أبرز مواقع أو يكثر الصحيح الحديث الصحيح فيهما، يكثر الحديث الصحيح في صحيح البخاري وصحيح مسلم، حقيقة وهما من مظان الحديث الصحيح، إذ تلقت الأمة الصحيحين بالقبول والتسليم.
س/ ما اسم صحيح البخاري ؟.
الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسننه وأيامه،
 من هذا التعريف أولا: هو كتاب جامع، لأن السنن يكون المصنف يريد فقط أحاديث الحلال والحرام، أحاديث الأحكام الفقهية فقط، أما الجامع فيذكر أحاديث في العقيدة، ويذكر أحاديث في السيرة النبوية، وفي فضائل الصحابة، وفضائل الأنصار، لا يختصر، يريد أن يجمع قدر الإمكان كل ما خرج من فم النبي صلى الله عليه وآله وسلم دون اختصاص بأحاديث الحلال والحرام، فإذن كلمة الجامع نفهم أنه كتاب يشتمل على حديث العقيدة والحلال والحرام والسيرة والفضائل وتفسير القرآن وهلم جرا.
الجامع المسند، إذن هو مسند منه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كأنه يقول أسوق الحديث الإسناد، ومنه أخرج العلماء المعلقات في صحيح البخاري، أخرج العلماء المعلقات.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق