الأكاديمية
الإسلامية المفتوحة / الفصل الدراسى الأول / مادة مصطلح الحديث / د.
رامز بن محمد ابو السعود
بسم
الله الرحمن الرحيم
الدرس (1)
س/ ما
هو الحديث عند علماء الحديث؟
ج/ الحديث: هو ما أضيف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من
قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلقية أو خُلقية.
هو لا يتكلم عن الآثار الواردة
عن التابعين والسلف الصالح والصحابة رضوان الله تعالى عليهم، إنما غايته الأساسية
هو كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكل ما أضيف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم.
من قوله، أي: من منطوق كلام
النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو من تقريره،
أو كانت صفة خَلقية للنبي -صلى الله عليه وسلم- قد أوتي جوامع الأخلاق ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4] أو كانت
صفة خَلقية من خُلقة النبي -صلى الله عليه وسلم.
س /
اذكر مثالاً على حديثًا قوليًّا عن النبي -صلى الله عليه وسلم ؟
ج/ مثال على قوله مثل قوله صلى الله عليه وسلم
{عن عمر بن الخطاب -رضي الله
عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «إنما
الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته
إلى ما هاجر إليه، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما
هاجر إليه»}.
س /
اذكر مثالاً على حديث من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم ؟
ج/ الحديث الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، من حديث
عائشة -رضي الله عنها- وهي تصف صيام التطوع الذي كان يصومه النبي -صلى الله عليه
وسلم-، هي تصف صيام النبي، أي فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكانت تقول: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصوم حتى نقول لا يفطر،
ويفطر حتى نقول لا يصوم»، إذن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- وصفت فعل
النبي -صلى الله عليه وسلم- حال صيامه.
س /
اذكر مثالاً على حديث من تقرير النبي -صلى الله عليه وسلم ؟
ج/ تقرير النبي -صلى الله عليه وسلم هو فعل وقع بين يدي
النبي -صلى الله عليه وسلم- فعله بعض الصحابة، فسكت النبي -صلى الله عليه وسلم-
وأقره ولم ينكره، وهذا يدل عليه أو من أمثلته، الحديث الذي رواه البخاري ومسلم في
صحيحيهما من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- لما رجع النبي -صلى الله عليه وسلم- من
غزوة الأحزاب، قال -صلى الله عليه وسلم: «لا يصلين
أحدكم العصر إلا في بني قريظة»، فانطلق الصحابة إلى بني قريظة، فأدركهم العصر
وهم في الطريق، فقال بعضهم: ما أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا أن يستحث
هممنا، يعني سنصلي الآن، وإلا لن نفوت الوقت، وقال بعضهم: امتثالًا لأمر النبي -صلى
الله عليه وسلم- لن نصلي إلا في بني قريظة، ولو خرج وقت العصر، فبلغ ذلك النبي -صلى
الله عليه وسلم-، فأقر إلى الفريقين، ولم ينكر على هذا أو ذاك، فهذا من تقريره -صلى
الله عليه وسلم.
س /
اذكر مثالاً على حديث من الصفة الخُلقية النبي -صلى الله عليه وسلم ؟
ج/ الصفة الخلقية: هي الصفة التي تتكلم عن أخلاق النبي -صلى
الله عليه وسلم-، كما في الحديث في الصحيحين، من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-
قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس»
هذه صفة خلقية «وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يدارسه
جبريل القرآن».
«كان رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يدارسه جبريل القرآن»
س /
اذكر مثالاً على حديث من الصفة الخَلقية النبي -صلى الله عليه وسلم ؟
ج/ من ذلك ما صح في الصحيحين: «أن
النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أحسن الناس وجهًا، وأحسنه خوفًا ليس بالطويل
البائن، ولا بالقصير».
س /
ما السبب الذى من أجله قام علم المصطلح ؟
ج/ قام علم مصطلح الحديث؛ ليبين الثابت عن النبي -صلى الله
عليه وسلم- من غيره،
س /
فما هو الخبر؟ أو ما الفرق بين الحديث والخبر؟
ج/ وقع الخلاف بين العلماء، والخلاف فيها يسير، ولا مشاحة
في الاصطلاح.
فذهب بعض العلماء إلى أن الخبر
هو نفس الحديث، هو ما أضيف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ورفع إليه، ونهي إليه.
وذهب بعضهم إلى أن الحديث: هو
ما أضيف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإلى أن الخبر هو ما أضيف إلى غير النبي -صلى
الله عليه وسلم- من صحابي، أو تابعي، فيقولون: جاء في الخبر عن عمر -رضي الله عنه-
مثلًا كذا وكذا، أما الحديث فيخصوه برسول الله -صلى الله عليه وسلم.
وذهب بعضهم إلى أن الفرق بينهما
عموم وخصوص.
لكن الذي ينبغي أن ندركه أن للفظ
الحديث مرادفات أخرى، له أسماء أخرى ذكرها العلماء، منها: الحديث، ومنها الخبر،
ومنها الأثر، فهذه بعض الأسماء الواردة في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم.
س/
علم الحديث ينقسم إلى إسناد ومتن، فما هو الإسناد؟ وما هو المتن؟
ج/ فكل حديث عند علماء الحديث قد دونوه في كتب السنة إنما
يبدأ بالإسناد من المؤلف المصنف إلى شيخه، إلى شيخ شيخه، حتى يبلغ به النبي -صلى
الله عليه وسلم- فيذكر قول النبي، أو فعل النبي -صلى الله عليه وسلم.
الإسناد: هي سلسلة الرواة
الموصلة إلى متن حديث النبي -صلى الله عليه وسلم.
المتن: هو كلام النبي -صلى الله
عليه وسلم-، أو فعل، أو تقرير، أو صفة خَلقية، أو خُلقية للنبي -صلى الله عليه
وسلم.
س/
الإسناد في حقيقة أمره غاية أم وسيلة؟
ج/ هو وسيلة، فليست الغاية من الإسناد إلا التحقق من صحة
الحديث وثبوته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فالإسناد ليس غاية المطاف، غاية
المطاف هو حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحيح الثابت، ندرس فقهه، ونستنبط ما
فيه من أحكام وفوائد وعبر.
س/
ما الهدف من دراسة أحوال الرواة؟
ج/ علم الحديث ينقسم إلى إسناد ومتن، ويحتاج الإسناد إلى
دراسة أحوال الرواة، وتمييز الثقة من غيره؛ لمعرفة الحديث المحتج به على قسميه
الصحيح والحسن، ومعرفة الحديث الذي لا يجوز للإنسان أن يحتج به، وهو الحديث
الضعيف.
س/
ما هى مسميات علم مصطلح الحديث ؟
ج/ وهي "مصطلح الحديث"، أو "علوم الحديث"
أو "قواعد الحديث" أو "علم الحديث" أو "أصول
الحديث".
س/
ما هو مصطلح الحديث؟.
ج/ هو علم بقواعد وضوابط من خلالها نستطيع معرفة أحوال
الرواة ومعرفة أحوال الحديث قبولًا وردًا.
إذن هو: علم قائم على قواعد
وأصول ثابتة، مستنبطة من فهم العلماء، استنبطوها من كتاب الله -عز وجل ، وسنة
النبي -صلى الله عليه وسلم-، هذه غاية علم الحديث هنا، غاية علم المصطلح هنا، لمعرفة
المردود من المقبول، من المنسوب لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- قبولًا وردًا.
إذن هو قواعد، هو جملة قواعد،
وجملة قوانين، لن تستطيع أن تحكم على حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلا إن
سبرت أغورها، وتعمقت فيها، وعلمت ما يتعلق فيها من كلام العلماء، لتنطبق بعد ذلك
لتحكم على حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
س/ هل
ثبت أو صح أو وردت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- آلية في التعامل مع السند؟ وهل
وضع قواعد واضحة جلية يستطيع علماء الحديث أن يستقوا منها قواعد علم المصطلح؟
ج/ الحق يقال أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما كان هذا
الأمر واردًا في زمنه؛ لأنه لا حاجة للإسناد؛ لأن الإسناد إنما نشأ بحثًا عن الثابت
عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أليس كذلك؟ ففي زمن النبي -صلى الله عليه
وسلم- لا حاجة إلى الإسناد، الصحابي يتوجه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فيقول:
يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ما حكم كذا، فهذا الإسناد من فم النبي إلى أذن
الصحابي، وقد وقع، استقرت الكلمة من فمه إلى أذني الصحابي، فلا حاجة لمعرفة علم المصطلح.
إذن هو علم فتي ناشئ، ما وضع له
النبي -صلى الله عليه وسلم- كبير قواعد، ولا أسس لعلماء الحديث حتى يسيروا على
دربه وخطاه في التعامل مع حديث النبي -صلى الله عليه وسلم.
ماذا تريد أن ترمي؟ أريد أن أصل
إلى مسألة، وهي: أن علم الحديث أن قواعد علم المصطلح توافق الفطرة الإنسانية، أي
قاعدة نص العلماء عليها في علم المصطلح لن تجدها أبدًا تتنكب عن الفطرة الإنسانية،
عن الطبيعة البشرية، عن العقل السليم، أي عقل سليم سيوافق على كل قاعدة وضعها
علماء الحديث في بيان معرفة الصحيح من غيره، أو المحتج به من غيره من حديث النبي -صلى
الله عليه وسلم.
س/
لماذا اختلف العلماء في علم مصطلح الحديث اختلافًا قليلًا يسيرًا ؟.
ج/ أن علم مصطلح الحديث اختلف العلماء فيه اختلافًا قليلًا
يسيرًا، بخلاف العقيدة التي افترقت الأمة بها إلى فرق، مع أن النبي حررها وقررها
وقعدها، وبخلاف التفسير، في تفسير آية الله نسمع كثيرًا، ونقرأ كثيرًا، اختلف
المفسرون في قول الله على كذا وكذا، وبخلاف الفقه الذي تبحر العلماء فيه، حتى بلغ فيه
الخلاف مبلغًا عظيمًا، من اختلاف التنوع لا التضاد.
إذن مع أن النبي -صلى الله عليه
وسلم- -هذا الذي أريد أن أجمل كل ما ذكرت في ما مضى، نجمله في هذا- مع أن الحبيب
النبي -صلى الله عليه وسلم- وضع لعلم العقيدة قواعد تضيء طريق العالم، ووضع لعلم
التفسير كذلك، وكذا علم الفقه، فإن الاختلاف حق وصدق موجود، بعض الاختلاف مذموم
كالاختلاف في العقيدة، وبعض الاختلاف سائغ ممدوح، أما علم مصطلح الحديث لم يقعد
النبي -صلى الله عليه وسلم- قواعده لأنه كان في زمن لا حاجة إليه، ومع ذلك الخلاف
فيه قليل، لماذا؟ هذه مشكلة، الحق أن الذي قعد فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-
القواعد، وبين الطرق، وهدى فيه السبيل في كيفية التعاون والاستنباط هذا الذي حقه
أن يقل فيه الخلاف، والذي لم يضع له النبي -صلى الله عليه وسلم- مصابيح تضيء طريقها،
كان حقه أن يكثر فيه الاختلاف.
لم كان هذا الأمر على مثيل ذلك؟
لما ذكرت، أن علم الحديث، أو علم مصطلح الحديث هو علم يتوافق ينسجم يتناغم تمامًا،
هو علم رائق غاية في الذوق والمتعة، حقيقة والله يا إخوة، لمن استشعر علم الحديث
يتمتع به؛ لأنه يمشي مع الإنسان لا يناقض شخصية الإنسان، ولا يناقض طبيعته، ولا
يناقش بشريته؛ لأننا نعلم أن الكمال لله -عز وجل-، وأن كل بني آدم يصيب ويخطئ، حتى
الراوي الثقة؟ نعم حتى الثقة يصيب ويخطئ، فإذن علم تناغم مع النفس البشرية، توافق
مع الفطرة، سلك نفس طريق العقل السليم، فحينئذ قل الاختلاف.
إذن أريد أن أصل إلى نقطة غاية
في الأهمية: أن علم مصطلح الحديث هو قواعد منسجمة تمامًا، إذا العقل السليم لم
يقبلها، ضع علامة استفهام على تلك القاعدة، إذن كأنني أريد أن أقول: أن علم الحديث
ليس حفظًا، هو فهمًا وذوقًا.
س/
كيف تطور علم مصطلح الحديث؟ وما هى والمؤلفات التي ألفت في هذا العلم.
ج/ أولًا: ابتدأ التأليف، ابتدأ به هو الإمام رامهرمزي،
ابتدأ التأليف في علم مصطلح الحديث والتصنيف فيه، هو الإمام رامهرمزي في كتابه
"المحدث الفاصل بين الراوي والواعد".
لو أردنا أن نقف عند هذا
الكتاب، نجد أن الكتاب يعتمد على أقوال العلماء، لكنه يسوقها بالإسناد منه إلى
العلماء المعتبرين، يعتمد على ثلة من علماء الحديث، من الذين برزوا ونطحوا في علم
الحديث، فيعتمد أقوالهم في كتابه هذا، لكنه يسوق تلك الأقوال بالإسناد، كأنني أريد
أن أقول أن هذا منهج علماء الرواية، أنهم لا يرون شيئًا إلا بالإسناد، وليس مختص
الأمر بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقط، لا، فإذن الحديث يتميز بأنه يذكر
الأقوال بالإسناد، لكنه كحال أي علم، لما يبدأ الإنسان في التصنيف في علم من العلوم،
لا شك أنه لن يستوعب جميع أنواع هذا العلم، ولن يغوص في كل أعماقه؛ لأنه يكفيه
السابقة، أنه كان من السابقين إلى التصنيف، كفاه فخرًا بذلك، فهو لم يستوعب جميع
علوم الحديث، واعتمد على أقوال العلماء دون أن يكون له ترجيح أو رأي أو اختيار إلا
في القليل النادر.
إذن كأنه ينقل أقوال العلماء
دون أن يكون له تدخل واضح بارز فيها، إلا من خلال العناوين التي يضعها، ومن خلال
بعض الأقوال القليلة النادرة في ثنايا الكتاب.
إذن كأنه كتاب ابتدأه صاحبه
يريد أن يجمع أقوال العلماء في هذا العلم، أقوال العلماء المختصين في علم الحديث،
يريد أن يجمع أقوالهم؛ حتى لا تذهب سدًا ولا ينتفع المسلمون منها.
ثم أتى بعد ذلك الإمام الحاكم
النيسابوري، في كتابه "معرفة علوم الحديث" وصار على نحو قريب من سير رامهرمزي،
فساق الأقوال بالإسناد كحال رامهرمزي، لكنه حقيقة زاد فاستوعب أكثر أنواع علوم
الحديث، وكان له شخصية بارزة وكلام واضح، ورأي يرجح فيه بين أقوال العلماء إن وقع
الاختلاف فيما بينهم، ابتدع هنا التحرير والتحقيق في المسائل، كان رامهرمزي اعتمد
على النقل، وهنا ابتدأ في تحرير الأقوال، والتمييز بينها، والترجيح بينها على -كما
قلنا- على الخلاف القليل النادر الذي وقع في علم مصطلح الحديث، لكن الكتاب حقيقة
لن يرتب ترتيبًا جميلًا سائغًا سهلًا لطالب علم، ولم يهذب.
ثم بعد ذلك أتى الحافظ الخطيب
البغدادي، صاحب الفنون، المتفنن، فوضع كتبًا عدة في علوم الحديث، حتى أن كل باب من
أبواب علم الحديث لا يخلو إلا وأن يصنف فيه الخطيب كتابًا، لكنه وضع كتابًا يجمع
كل علوم الحديث، في كتاب أسماه "الكفاية في علم الرواية"، حقيقة تميز
الكتاب بالسعة والشمول، إلا أنه خلط كلام علماء الحديث بكلام الفقهاء، يعني كأنني
أريد أن أقول: الفقهاء علماء الملة، وبهم يستضيء المسلم طريقه، لكن المختص من هو؟
المختص عالم الحديث، الذي أفنى عمره في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،
يسافر أقاسي الأرض مشرقًا ومغربًا يتتبع كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، ليس
حاله كحال الفقيه، مع إجلال الجميع، والمكانة البارزة السابقة لكليهما، لكن ذاك
أدرى بفنه، وأدرى باختصاصه، كما أن الفقيه أعلم بالفقه والاستنباط والفن من
المحدث، فكتابه اتسم بالسعة والشمول، إلا أنه خلط كلام علماء الحديث باختيارات
الفقهاء، وهو مع ذلك لم يرتبه الترتيب السائغ اللائق في كتابه.
ثم أتى بعد ذلك الإمام القاضي
عياض، في كتابه الماتع الراقي الرائع "الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد
السماع"، فلم يستوعب جميع علوم الحديث أيضًا من مميزاته أنه لم يستوعب جميع
علوم الحديث، لكن انتبهوا هنا كتاب رامهرمزي وكتاب الحاكم، وكتاب الخطيب البغدادي
كانوا في عصر الرواية، فاعتمدوا سوق الأسانيد، الأسانيد منهم إلى علماء الحديث،
أما القاضي عياض فلم يكن كذلك؛ لأن الإسناد قد طال، وصار الإسناد طويلًا، فهو لم
يسق الأقوال بالأسانيد، وحال باقي الكتب التي سنذكرها كذلك، أنها لن تسق باقي
الأقوال بالأسانيد، ومع ذلك لم يستوعب جميع علوم الحديث، وقد اهتم بطرق تحمل
الحديث وأدائه، وكتابة الحديث وضبطه، فتكلم عن هذين الموضوعين من مواضيع علم
الحديث بإبداع وإمتاع وإجادة وإفادة، فكتاب ماتع متميز رائق.
ثم بعد هذا أتى بعد ذلك أبو
حفص، في كتابه "ما لا يسع المحدث جهله"، وهو جزء صغير لطيف، لم يستوعب
فيه جميع علوم الحديث، ولم يسقه بالإسناد، كحال القاضي عياض، ثم بعد ذلك أتى
الإمام العمدة في هذا الباب، وهو أبو عمرو بن الصلاح، في كتابه "معرفة علوم
الحديث" أو إن شئت فسمه "مقدمة ابن الصلاح" أو إن شئت فسمه
"علوم الحديث عند ابن الصلاح".
هذا الكتاب حقيقة صار عمدة
العلماء من بعده، وتناولوه بالشرح، والتحقيق، والاختصار، والشرح، والبسط، ما لا
يعلمه كثرت من تناوله إلا الله -عز وجل-، وهذا إن دل فإنما يدل على التحقيق،
والإتقان، والإجادة، والإفادة، حتى تقبله العلماء وتناقلوه، وصاروا يدرسون به
الطلاب، ويدرسون علم الحديث منه، وكان منهم الشارح له، والموجز بالعبارة، والناظم
له، وكان منهم المبسط في العبارة، والمفرد فيها، فإذن تنوعت طرائق العلماء في
تعاملهم مع هذا الكتاب، فكان كتابًا مستوعبًا، شاملًا، طبعًا لا يذكر الإسناد
كالعادة -كعادة العلماء-؛ لأن الإسناد قد طال، إلا أنه لم يرتب الترتيب اللائق
المناسب الذي يستطيع أو يسهل على طالب العلم أن يتناوله هذا العلم كوحدة موضوعية
واحدة، وقد اعتمد في كتابه على كتب الخطيب البغدادي، كان اعتماده حقيقة في هذا
الكتاب على كتب الخطيب البغدادي المتعددة التي ذكرناها، وعلى رأسها كتاب
"الكفاية".
هذه لمحة سريعة، وإطلالة عابرة
على تطور علم مصطلح الحديث، والمصنفات، والمؤلفات التي ألفت في هذا العلم.
س:
إلى كم قسم ينقسم الحديث من ناحية عدد الطرق؟
ج/ ينقسم الحديث باعتبار طرقه، إلى حديث متواتر، وحديث آحاد.
س: هل
علم المصطلح غاية ؟
ج/ علم المصطلح ليس غاية، إنما هو وسيلة يؤدي بنا إلى الحكم
على الحديث قبولًا وعدمًا، وهذا هو علم الجرح والتعديل، وعلم علل الحديث.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق