الاثنين، 6 يناير 2014

مصطلح الحديث ( المحاضره الخامسه )

الأكاديمية الإسلامية المفتوحة / الفصل الدراسى الأول / مادة مصطلح الحديث / د. رامز بن محمد ابو السعود        
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس (5)

س/ ما هى أنواع البدعة وما هي القيود لقبول رواية صاحب البدعة غير المكفرة ؟.
ج/ البدعة بدعتان، بدعة مكفرة وهذا ترد روايته جملة وتفصيلا، وبدعة غير مكفرة، وهذا انقسم فيه العلماء، فعلماء قبلوا حديثه مطلقا، وعلماء ردوا حديثه مطلقا، وعلماء فصلوا، فقالوا لا نقبله مطلقا ولا نرده مطلقا، وإنما نشترط فيه شروطا.
·        الشرط الأول: أن لا يستحل الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
·   الشرط الثاني: أن لا يكون داعية إلى بدعته، وذلك أن كون الراوي داعية إلى بدعته مظنته مظنة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بمعنى، أن راوي يبحث عن حديث ليؤيد مذهبه، فلا يجد حديثا ينصر مذهبه، فيدفعه ذلك إلى الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لنصرة مذهبه، فقالوا لا نقبل رواية الداعية إلى بدعته.
·   وذهب فريق ثالث لابد أن نشترط قيدا أو نشترط شرطا آخر، أو أن نقيد بقيد آخر، وهو أن لا يكون الحديث موافقا لبدعته، إذ لو وافق الحديث بدعته، دخل في النفس ريبة، أنه إنما افتعل الحديث نصرة لبدعته ومذهبه، إلا يا إخوة إن تابعه على ذلك من ثقات أو رواة أهل السنة والجماعة، فإن تابعوه وقع في النفس طمأنينة أن الحديث لم يفتعله، وإنما هو نقله كسائر الرواة، فنقله نقلا منه إلى شيخه وهلم جرا.
س/ هل أخرج أصحاب الصحيح عن بعض المبتدعة، أم لا؟
 ج/ نعم أخرج بعض أصحاب الصحيح عن دعاة من المبتدعة، أخرج البخاري عن بعض المبتدعة ممن دعا إلى بدعته.
س/ ما توجيه إخراج أصحاب الصحيح لهؤلاء المبتدعة؟.
ج/ فأجاب العلماء فقالوا:
·   أولا أن إخراج أصحاب الصحيح لهم كان على قلة وندرة، أي أن حديثهم في صحيح البخاري ومسلم قليل نادر، فقالوا أنه كان على قلة وندرة، كما حقق ذلك الحافظ ابن حجر في هدي الساري،
·        وأيضًا يجاب عن ذلك بأن أكثر رواياتهم التي أخرج أصحاب الصحيح إنما كانت في المتابعات لا في الأصول.
إنما كانت في المتابعات، أن هناك رواة آخرين يتابعونه على تلك الرواية، لا في الأصول،
·   ويقال أيضًا جوابا عن ذلك أنه توفر فيهم من الصدق ولو كانوا مبتدعة، ولو كانوا بعضهم دعاة إلى البدعة، لكنهم كانوا من رؤوس الخوارج الذي يكفرون مرتكب الكبيرة، فيستحيل الرجل أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه في اعتقاده سيكون كافرا مرتدا خارجا عن الإسلام.
فأخرجوا لهؤلاء الرواة الذين أن يخر أحدهم من السماء أهون عليه من أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
هذه الأسباب التي ذكرها العلماء في توجيه إخراج صاحبي الصحيح لبعض المبتدعة في كتبهم.
·        إن نظرت إلى بعض أحاديثهم حقيقة تجد أنها أكثرها في الرغائب والترغيب والترهيب، وليست في العقائد.
كأن الإمام البخاري ينتقي انتقاء مع إمامته، مع ثقته أنهم لئن يخر الرجل منهم من السماء أهون عليه أن يكذب على رسول الله، مع أنه أخرج له في المتابعات،
س/ ما هى خوارم العدالة؟.
 ج/ وهي أن يكون كافرا صغيرا مجنونا أو فاسقا سواء كان فسق شهوة أو شبهة، أو كان خارما للمروءة.
س/ شروط العدالة هذه هل يمكن أنت الآن وبينك وبين الرواة ما يقارب ألف سنة أو أكثر، هل ممكن أن تتحقق كثيرا منها؟
ج/ في الواقع لا تستطيع، لأنك لم تعاصر الرواة، ولم تعلم الفاسق من غير الفاسق، ومن خرم المروءة ومن لم يخرم المروءة، بيننا وبينهم فجوة زمنية، تباعد زمني، فالحق أننا لا نعرف، وإنما كانت هذه القيود يعتبرها العلماء حال الحكم على الراوي،
س/ بم تثبت العدالة، كيف تثبت العدالة لطالب علم الحديث، كيف يعلم أن هذا الراوي عدل؟
ج/ بأمرين:
·   الأول: الشهرة والاستفاضة، استفاضة الإمام وشهرته، فيصبح إماما علما مبرزا في علم الحديث، فلا يشق له غبار، هذا إن وجدت في بطون الكتب، في بعض ترجمات لأولئك الأئمة شموس الهدى، وجدت راويًا غمز فيه، أو عالم قدح فيه، فلا يلتفت إلى غمزه، فقد جاوز هذا العالم القنطرة، كالبخاري ومسلم والزهري وشعبة والسفيانين ومالك، والإمام أحمد، هؤلاء تجاوزوا القنطرة، هؤلاء أطبقت الأمة على إمامتهم واستفاضت عدالتهم استفاضة تدفع في النفس والله دفعا إلى التسليم بصدقهم وعدالتهم، إذ لن تجتمع الأمة على ضلالة، ولن يتفق العلماء على إمامتهم وأن يجعلوهم شموس هدى في علم الحديث إلا وقد بلغوا من العدالة والديانة والتمكن بل سارت سجية وملكة في نفوسهم، صح أم لا؟
فإذا وجدت وأنت تقلب بعض الورقات في كتب التراجم والطبقات، فإن وجدت قدحا أو غمزا من بعيد أو من قريب في أولئك فلا يقام له كبير وزن.
·   الثاني: بأن ينص بعض الأئمة على عدالته، لأنني قد تباعدت بيني وبينه الأزمان، والعصور، فاحتاج إلى أن اعتمد على قول عالم قد عاصره وأدركه وعايشه وسبر مروياته، وأدرك خفاياه وخباياه، يحتاج أن ينص عالم أو أقول أن ينص بعض أهل العلم على تعديله وعدالته.
وقع الخلفاء بين العلماء، فيمن قال هذا القول،
 هل نحتاج إلى أن ينص عالم واحد على ذلك، أم إلى عالمان؟
ج/ فذهب بعض أهل العلم إلى أن العدالة تثبت إذا نص عالم معتبر معتد به من علماء الجرح والتعديل على تعديل وخلا من الجرح والطعن، فتثبت العدالة، وهذا قول المحققين.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن العدالة لا تثبت إلا إذا نص على تعديله إمامان عالمان من أئمة الجرح والتعديل وخلا أيضًا من الجرح، قياسا على الشهادة، فقالوا إن تعديل الراوي حقيقة هو شهادة على أنه قد تحققت فيه صفات تستدعي أو تستأهل أن يكون متحملا لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقياسا على الشهادة لابد كما أن القاضي يشترط شاهدين، فكذا نشترط إمامين عدلين لثبوت عدالته.
والحق أن بين الرواية والشهادة فروقا وأن هذا القياس مع الفارق.
س/ ما هو التحمل؟.
ج/ يعني طالب العلم الذي يجلس بين يدي شيخه، الذي يثني ركبه بين يدي شيخه، هذا متحمل، والشيخ مؤدي.
فأنت الآن لابد أن تمر بمرحلتين، مرحلة تتحمل حتى إذا رأيت من نفسك علما وقوة ونفعا وأن ينفع الله بك، بعد الإخلاص ولزوم الإخلاص، تؤدي العلم الذي في صدرك.
س/ هل شروط العدالة تشترط في الراوي حال التحمل أم حال الأداء؟.
ج/ تشترط حال الأداء أما حال التحمل فلا.
س/ هذه الشروط لا تشترط حال التحمل، لماذا؟
ج/ لأن هناك النصوص كتبها الصحابة عن آخرين وكان صغيرا ما يستطيع التمييز.
تعتمد على حديث النبي صلى الله عليه وسلم لتستقي منه قواعد تضيء طريق علماء مصطلح الحديث، نعم.. هذه القيود يا إخوتي تكون حال تشترط حال الأداء أما حال التحمل فلا، فيجوز تحمل الكافر،
 س/ ما الدليل من السنة على أن شروط العدالة تشترط حال الأداء أما حال التحمل فلا؟.
·        ج/ ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث تميم الداري، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع الناس ثم قال: « أتدرون لم جمعتكم »، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: « إني والله لما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة »، يعني لا أريد أن أعطيكم ترغيبا أو ترهيبا، لا ترغيبا في جنة، ولا ترهيبا من نار، « ولكن جمعتكم لأن تميم الداري كان رجلا نصرانيا »، لاحظوا كان رجلا كافرا، « فجاء فبايع وأسلم وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن المسيح الدجال »، وذكر الحديث، وجاء في هذا الحديث أن المسيح الدجال قد أخبر تميما أن النبي صلى الله عليه وسلم حق وصدق وأن الخير في طاعته واتباعه، فجاء تميم فأسلم بين الحبيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم قص عليه قصته وهو كافر، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة وأخبرهم الخبر.
فتميم الداري تحمل الحديث وهو كافر، وأداه وهو مسلم فقبل منه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه.
·   حديث آخر يدل على أن الكافر يجوز أن يتحمل لكن يشترط الإسلام حال أداءه للحديث، حديث هرقل، حديث أبي سفيان مع هرقل، والذي لما كان أبو سفيان كافرا، وكان في وقت صلح الحديبية، فذهب إلى بلاد الشام مع تجارة له، فبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتابه إلى هرقل، فاستدعى هرقل من كان من العرب في بلاد الشام، وكان منهم أبو سفيان في تجارة، فسأله عن نسبه فيهم، ومن يتبعه، وهل يزيدون أم ينقصون؟ وهل يرتد منهم أحد؟ إلى آخره ... فأبو سفيان كان كافرا حين تحمل الحديث، ومع ذلك قبل منه لأنه أداه وهو مسلم وأخرجه البخاري في صحيحه.
س/ اذكر دليلا يدل على أن الصغير يجوز أن يتحمل الحديث وهو صغير على أن يؤديه إذا بلغ وكبر ؟.
ج/ حديث يدل على أن الصغير يجوز أن يتحمل الحديث وهو صغير على أن يؤديه إذا بلغ وكبر، حديث محمود بن الربيع في صحيح البخاري، لما عقلت مجة مجها النبي صلى الله عليه وسلم في وجهي وأنا ابن خمس سنين، من دلو كانت في دارهم، والحديث في الصحيحين.
ما هي المجة؟ هذا خلق النبي صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي صلوات ربي وسلامه عليه، إمام ونبي وعنده وقته لا يسع لأحد، وعنده زوجات، ومع ذلك يذهب إلى بعض بيوت أصحابه لاجتماع لجلسة لأمر الله أعلم به، لم يأتنا من خبر هذا الحديث كبير شيء، ومع ذلك ما ينسى حال صغير، المجة هي أن يضع ماء في فمه وأعزكم الله ويبزقها على وجه الصغير، لو فعلها مع كبير لصارت كبيرة من الكبائر، لكن الصغير يحب هذا، لأنه ما يهم الصغير كرامة أو عدم كرامة، ما يهمه هذا، الذي يهم الصغير فقط اهتمام، أن هناك إنسان يهتم به، مجها، ماء مج غير الماء من فمه ما يبالي، لكن يبالي أن يداعب أن يهتم،
حقيقة يا إخوة هذا خلق تربوي عالٍ والله سامٍ، مع كل مشاغله، ومع كل أموره، وضيق وقت النبي صلى الله عليه وسلم ما نسي محمود بن الربيع، وهو عمره خمس سنوات، ما قال السلام عليكم، وعليكم السلام، ثم خلاص امشِ، لا، داعبه بما يحب، طيب كم كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم، هذا في المدينة يعني من ثلاث وخمسين إلى ثلاث وستين، يعني رجل كبير، هل تتوقع صاحب لحية وشيب وكذا هل لو فعلها رجل منا، قد يرى في نفسه أنه لا يليق بمكانه ولا أبهته، أمج مجة في وجه صغير، لكن أبدا أبدا تربيته صلى الله عليه وسلم لهذا الصغير، وأن يشعر الصغير أن له مكانا، مع هذه الاجتماعات والجلسات مع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الأمور العظام، ومع ذلك ما نسي صغيرا كان بين يديه، يلعب في بيت أحد أصحابه، ما نسيه.
لذلك يا إخوة كجانب تربوي إذا رأيت ابنك يتكلم معك فيقول لك أبي أبي ويحرك وجهك إليه، اعلم أنك عندك خلل في الاهتمام به، صح أم لا؟ إذا رأيت ابنك لما يتكلم يقول لك أبي أبي أبي، ويحرك وجهك، يعني انظر إلي، اعلم أنه يحس أنه ما فيه كبير اهتمام، اعرف أنك أنت هنا قصرت فيه، انتبه إليه، هذا جانب تربوي، يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم وحديث النبي صلى الله عليه وسلم ما أتى للحلال والحرام فقط بل أتى لكل مناحي الحياة، كما قال الله عز وجل: ﴿ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 38]، ومن أهم مناحي الحياة التربية، أن تخرج هذا النشء يثق بنفسه، يعتز بأنه له مقامه، وله كلمته.
س/ أى القيدين أدق (العدل الضابط) أم (العدل الضابط تام الضبط) ؟.
ج/ وقع هذا التعريف إن نظرت في كتب المصطلح تجد أن الإمام ابن الصلاح عرفه بهذا التعريف، فقال: ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط وسكت، في حين عرفه ابن الصلاح فأضاف قيدا، أنتم أضفتموه في المرة الماضية، وأنا عرض عنه شيئا ما، ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط تام الضبط عن مثله، حقيقة نريد أن ننظر الآن أي القيدين أدق، يا إخوتي كونوا معي واستعملوا عقولكم وعودوا إلى ما قلت إليكم، أن علم المصطلح يوافق الفطرة الإنسانية، والله والله يتناغم وهذا متعة، وهذا متعة هذا العلم، والله إذا درست هذا العلم تتذوقه بروح ما بعدها متعة، أنه يتناغم مع فطرتك، يتناغم مع فطرتك، يتناغم مع طبيعتك البشرية يتناغم مع عقلك السليم.
فجرد عقلك السليم إذ قلت العدل الضابط تام الضبط، ألا تفهم منها أن الرجل لا يخطئ، صح أم لا؟ تام الضبط، ما قلت العدل الضابط وسكت، تام الضبط، كأن الرجل معصوم، لا يخطئ، صح أم لا؟
أنا لا أميل إلى هذا القيد، وأقول على ما قال به شيخ المحققين، وما انطلق علم المصطلح من بين يديه وهو ابن الصلاح، هو ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط، والضابط اسم فاعل، واسم الفاعل يدل على الكثرة والوفرة، دون حصول الكمال، يا إخواني ما فيه إنسان تام الضبط، قلنا لكم البشر معرض للإصابة والخطأ، وما فيه، يا إخوتي لو تراجعوا كتب العلل، تجدوا سفيان الثوري أمير المؤمنين له لائحة طويلة من أخطائه وعلله، الإمام مالك، غرائب مالك، لائحة طويلة، أنا أتكلم لكم عن أمراء المؤمنين، مدارات الأسانيد، الذين جمعوا أكثر الحديث، الإمام الزهري لائحة، لأنه بشر، بالعكس كلما كثر حفظه وكثر أداؤه وكثر عطاؤه، وهو بشر كثر خطأه، لذلك كما قل كلامك قل خطأك، وأنت مسلم حريص أن لا يخرج الكلام إلا على محمله، صح أم لا؟ وكلما كثر كلامك كثر سقطك، كما ورد في الأثر، صح أم لا؟
فهذا بشر يا إخوة، فإذن الآن تناغموا مع هذه الفطرة، هل هناك رجل ثقة إمام لا يخطئ، سئل عبد الرحمن بن مالك فقيل له أيخطئ الثقة في حديث، قال: نعم، فقيل له: أيخطئ في حديثين، قال: نعم، فقيل له: أيخطئ في خمس، قال: يخطئ في خمسين، إي والله خمسين كثير، لما يكون هذا العالم راوي ستة آلاف حديث، ما يخطئ في خمسين، والله يمكن، لكن واحد راوي لمائة يخطئ في خمسين مصيبة المصائب هنا، صح أم لا؟
س/ ما هو الحديث الصحيح ؟.
ج/ هو ما اتصل سنده بنقل عدل ضابط عن مثله من أول السند إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة قادحة.
س/ ما هو الضبط؟ ما هو ضبط الراوي؟
ج/ هو أن يؤدي الراوي الحديث كما سمعه، كما تحمله.
تتحمل من شيخك فتؤديه كما تحملته، وشيخك يتحمله من شيخ شيخه فيؤديه كما تحمله، حتى نبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا تمام الضبط، هذا هو الضابط،
س/ ما هى أنواع الضبط؟.
ج/ الضبط على قسمين، ضابط صدر، وضابط كتاب.
س/ ما هى الشروط التى اشترطها العلماء فى ضابط الصدر؟.
ج/ قال العلماء في ضابط الصدر، اشترطوا شروطا في ضابط الصدر،
·   القيد الأول، فقالوا أن يكون متيقظ غير مغفل، هذا ضابط الصدر، إيش يعني متيقظ غير مغفل، أن يعلم ما يخرج من رأسه، فيتقن حديثه، ويعرف حديثه، ويميز حديثه من حديث غيره، فلا يدخل عليه حديث في حديث، ولا يأتيه من باب أن يدخل عليه رواية في رواية، صح أم لا؟ أن يميز .. الآن نعتمد على ضبط الصدر، لا يعتمد الراوي على الكتاب هنا على صدر، فحينئذ أخوف ما نخاف أن يدخل عليه حديث في حديث، أن لا يميز بين حديثه.
·   القيد الثاني ألا يقبل التلقين، ما معنى لا يقبل التلقين؟ ما هو التلقين؟ أن يدخل التلميذ على شيخه أحاديث ليست من حديثه، نعم هذا هو التلقين، التلقين أن يدخل التلميذ حديثاً على شيخه ليس من حديث الشيخ، فيقبله الشيخ ويتلقنه.
·   القيد الثالث وترى هذا غاية في الأهمية، وبه يعرف العلماء مدى ثقة الراوي وعدالته، أن يوافق الرواة الثقات، وأن لا يكثر التفرق والمخالفة، بمعنى العلماء إيش كانوا يفعلون كثيرًا، كانوا يأتون إلى الروايات فيسبرونها، وينظرون، إن أكثر الموافقة وقلت ما أقول انعدمت يا إخوان، لن تنعدم، وقلت المخالفة أو قل التفرد، حينئذ يعلمون أن الراوي ثقة، عض على حديثه، وإن كثرت شذوذه وكثرت مخالفاته، وكثرت تفرداته، هناك مشكلة؟
هذا عقل منطق، بمعنى، الإمام الزهري كان بين يديه مجلسه يصل أربعين ألف وسبعين ألف، والله هل تعقل وتقبل، وفيهم من الحفاظ والمتقنين والملازمين للزهري سنين، هل من المنطق والعقل والحكمة أن نقبل أن يأتي واحد من هؤلاء ويتفرد بحديث دون باقي التلاميذ، أين الباقي؟ ضاعوا، نسوا، كلهم نسوا وأنت حفظت، بالله عليك ألا يحدث في نفسك ريبة، هذا علم الحديث، هذا علم المصطلح، علم يتذوقه الإنسان ذوقا، لا حفظا، علم تتذوقه فتجد متعة ما بعدها متعة، لأنه ينسجم مع طبيعتك البشرية، مع فطرتك الإنسانية.
س/ اذكر مثالا على التلقين ؟.
نعطيكم قصة وقعت وسنقرأها وانظروا إلى جمال هذه القصة، طرفة جميلة، هي قصة وقعت مع أبي نعيم الفضل بن دكين والإمام يحيى بن معين، قال أحمد بن منصور الرمادي خرجت مع أحمد ويحيى بن معين إلى عبد الرزاق أخدمهما، الإمام أحمد ويحيى بن معين سافروا سفرة من العراق إلى اليمن طلباً لحديث عبد الرزاق.
فخرج أحمد بن منصور الرمادي ليخدمهما لأنه كان صغيراً في طلب العلم، ويريد أن يأخذ من علمهم وأدبهم وسمتهم، فهذا طبع طالب علم، أنه يلازم الشيخ ليأخذ من خلقه وأدبه وسمته.
قال خرجت مع أحمد ويحيى بن معين إلى عبد الرزاق أخدمهما، فلما عدنا إلى الكوفة، يعني سافروا سفرة طويلة إلى اليمن، ثم رجعوا إلى الكوفة، إلى بلدهم، قال يحيى لأحمد، أريد أن أختبر أبا نعيم، يحيى بن معين إمام الجرح والتعديل، وكأن هذا فيروس داخلي عنده ما يسكت، أبداً، لابد أن يمتحن كل إنسان.
أبو نعيم يا إخوة من الأئمة الثقات، هو شيخ البخاري، وأخرج له البخاري في الصحيح، من المتقنين، قالوا في ترجمته كأنه مصحف، يعني آية في الحفظ، خلاص ما يمتحن، وهذا شيخك، لكن الإمام يحيى بن معين إمام الجرح والتعديل، وهو أكثر من تكلم في الجرح والتعديل، خلاص فيه هنا مع كريات الدم البيضاء والحمراء يمشي عنده علم الجرح والتعديل، يريد أن يمتحن كأنه وكأنني بإمام يحيى بن معين رحمه الله تعالى سافر سفرة طويلة، غاب، يريد أن يقول أنا هنا رجعت، أريد أن أثبت وجودي، رجعت، ليس بغرور، لا والله، لكن هو يريد الآن يقول لأهل الكوفة أنا رجعت، يحيى بن معين رجع، أريد أن أتكلم في الرجال.. أريد أن أسأل الذين غبت عنهم هذه الأيام الطويلة والأشهر الطويلة، إيش صار حديثهم، اختلف ضعف قوي، أريد أن أصبر أحوالهم، فأراد أن يبتدئ في الهرم، ما هو دائماً إذا ضربت الهرم فسقط يسقط ما تحته، فأراد أن يبدأ بشيخ، بالكبير، فقال أريد أن أختبر أبا نعيم الفضل بن دكين، قال لا أحمد لا تريد، يعني لا تفعل، الرجل ثقة، ما تفعل، نعرف الرجل، نعرف حديثه وأنه متقن، فقال يحيى لابد لي، أبداً، إلا أمتحنه، خلاص في دمه، إلا أمتحنه، قال: لابد لي، فأخذ ورقة فكتب فيها ثلاثين حديثاً من حديث أبي نعيم، هو تلميذ له، درس عنده، تلقى عنده، فيعرف أحاديثه، وجعل على كل عشرة منها حديثاً ليس من حديثه، يعني كل عشرة زاد حديثًا ليس من حديث أبي نعيم.
ثم جاءوا إلى أبي نعيم، فجلس أبو نعيم على دكان، دكان هي دكة يعني بسطة يجلس عليها، بسطة أريكة يجلس عليها، فخرج فجلس على دكان، فأخرج يحيى الطبقة، يعني الطبق النسخة، التي كتبها، وطبعاً كان دأبهم إذا أتيت إلى إمام مبرز كأبي نعيم أو الأعمش ما تيجي تكتب بين يديه، تذهب إلى الوراق تقول له أعطيني نسخة الأعمش أعطيني أجزاء الأعمش، فتقرأ هذه النسخة على الإمام، فتصحح فإذا قال هذا حديثي تضع عليه أنه من حديثه، وإن قال ليس من حديثه، تضرب عليه أنه ليس من حديث الشيخ.
فالمهم فقرأ عليه أول عشرة، ثم قرأ الحادي عشر، فقال له أبو نعيم ليس هذا من حديثي اضرب عليه، لا هذا ليس من حديثي هذا غلط، ثم قرأ العشرة الثانية يعني العشرين، وأبو نعيم ساكت، فقرأ الحديث الثاني يعني الثاني والعشرين، فقال ليس من حديثي اضرب عليه، حافظ يميز حديثه من حديث غيره.
ثم قرأ العشرة الثالثة وقرأ الحديث الثالث، يعني الثالث والثلاثون، ثلاثون حديث، فانقلبت عيناه، الشيخ، فهم الخطة، أنت تريد أن تفسد علي حديثي، أن تريد أن تلقنني، تريد أن تسقط حديثي يا يحيى، فانقلبت عيناه، أي فطن أبو نعيم للمكيدة، وأقبل على يحيى، فقال: أما هذا شوف الأدب، أدب الطالب وأدب التلميذ، وأدب الشيخ، قال: أما هذا وذراع أحمد في يده يعني هو طول التحديث وماسك الشيخ ماسك بذراع التلميذ أبداً، وهو يقرأ عليه حديثه، وهو من حبه وقربه وتقريب الإمام أحمد له، ماسك في ذراع الإمام أحمد والإمام أحمد تلميذ بين يديه، ويسمع ويقول هذا حديثي أو ليس من حديثي، قال: أما هذا، وذراع أحمد في يده، فأورع من أن يعمل هذا، تقواه ما تجعله يفعل هذه المكيدة.
وأما هذا يريدني، يعني يريد أحمد بن منصور الرمادي الصغير طالب العلم المبتدئ، فأقل من أن يعمل هذا، ما يفهم هذه اللقطة، ما يعرف يركب هذه الأسانيد ويضبطها ويأتي بها ما هي شغلته، ما يعرف حديثي يميزه مائة بالمئة، ولكن هذا من فعلك، ما أراك إلا أنت يا فاعل، عن يحيى بن معين، أنت الذي فعلت هذه المكيدة، ثم أخرج رجله فرفسه رفسة رمى به من الدكان، طرده برجله رفسه فانقلب يحيى بن معين وسقط، ثم قام فدخل داره.
فقال أحمد بعد ما دخلت وخرب مجلس التحديث، فقال أحمد ليحيى ألم أقل لك إنه ثبت، يعني لو كرامتك شوي بدل ها الرفسة هذي، وقدام الناس يرفسك ويطردك كده بهذه الرفسة، الرجل ثقة ثبت، قال: والله لرفسته أحب إلي من سفرتي كلها، إي والله شوف أدب الشيخ وأدب التلميذ، ما قال التلميذ يا إخوتي الشيخ ما هو ملك معصوم سيخطئ، صح أم لا، هو بشر، ما هو بمجرد أن تجد على شيخك أخطاء خلاص تسقط عدالته، أين الدين والتقوى، ها هو الإمام يحيى بن معين، حقيقة أبو نعيم بالغ صح أم لا؟ يعني أن يرفسه يحيى بن معين، يحيى بن معين هو هو حتى لو كان تلميذ، يرفسه قدام الناس وهو قاعد على الدكان، ويرفسه ويقلبه ويطرده من البيت بهذه الطريقة، وما هو البيت، يا ريت من بيت، يعني الدكان كان بسطة خارج البيت، أمام الناس، بالغ لكن مع ذلك ما قال يحيى بن معين وهو إمام الجرح والتعديل، يعني كلمة منه تكاد أن تجهز على أبي نعيم، ما قال والله لأسقطن عدالته، لا لا، قال: إي، لأنه حين تأكدت أن الرجل حديثه الذي كان عندي أعض عليه ما أفوت حديثه أبداً هذا، رفستي والله أحب إلي من سفرتي كلها، كل سفرة سافرناها، أشهر ذهابا ورجوعا، لا والله الرفسة أفضل إلي من ذلك كله.
هذا أدب طالب العلم ما الشيخ، الشيخ ما هو ملك، لكن ينبغي على طالب العلم أن يتحمل، مقابل العلم الذي تأخذه من شيخك، اصبر على بعض خلقه إذا كان عنده خلق عسير، للفائدة، أبو نعيم دمث الأخلاق، كان صاحب دعابة، ويحيى بن معين كان صاحب دعابة، فتلاقيا فتصادما.
مع إنهم اثنين أصحاب دعابة، هذا يحيى بن معين راح للأعمش عمل له مشكلة، الأعمش كان عسرا في التحديث، شديد، فالقصد إذا وجدت من شيخك ما أجمل أنت تستر عليه ومن ستر على المؤمنين ستر الله عليه يوم القيامة، صح أم لا؟ وهذا له حق عليك، شيخك له حق واجب عليك بين يدي الله، والله تسأل عن هذا الحق، حق واجب عليك.
لذلك كان كثيرًا إذا قرأت في سير أعلام النبلاء أو في سير السلف الصالح كان كثيرًا ما الشيخ إذا أراد أن يطلب من التلميذ، يقول: أتعرف حقي، أتحفظ حقي عليك، يقول نعم، قال: بحقي عليك افعل كذا وكذا.
يذكره بإيش أنه لي حق عليك، فأطلب منك أن تفعل كذا وكذا، ثم انظروا إلى خلق الشيخ، مع تلميذه، لا متعالٍ ولا متكبر، كان يمسك ذراعه بذراع تلميذه وهو في مجلس التحديث، ولا رآها إنها إسقاطة عدالة، ولا رآها أنه أنا ... لا لا لا ، وكان .. إي هو يعني أشرف من النبي صلى الله عليه وسلم، من الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه، لا والله، ومع ذلك كانت تأتي به كما في البخاري كانت تمسك بيده الجارية تطوف به سكك المدينة، ما يقول لها إلى أين أذهب وإلى أين سآتي، جارية، الخليفة الإمام النبيل الذي يوحى إليه أفضل الخلق أشرف الخلق أحب الخلق إلى الله عز وجل، تطوف به جارية صغيرة، بنت تمسكه تطوف به سكك المدينة ما يقول لها إلى أين أدبرت وإلى أين سأقبل، وين مودياني، ما يسأل هذا السؤال، خلاص.
فأخذوا هذا الخلق من خلق نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم.
إذن أدركنا معنى التلقين، وهذا مثال من التلقين، حاول الإمام يحيى بن معين أن يلقن أبا نعيم إلا أنه كان متيقظا فلم، غير مغفل ميز حديثه من حديث غيره فلم يتلقن.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق