الخميس، 9 يناير 2014

مصطلح الحديث ( المحاضره السادسه عشر )

الأكاديمية الإسلامية المفتوحة / الفصل الدراسى الأول / مادة مصطلح الحديث / د. رامز بن محمد ابو السعود        
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس (16)

س/ ما الدليل على أن الصحابة ثبتت عدالتهم بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول؟
q    فمن الكتاب
قوله -عز وجل- ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: 110]، نعم الخطاب للأمة بمجموعها، لكن الصحابة سيدخلون دخولاً أوليًّا فيها؛ لأن الخطاب إذ هو كان مباشرة إليهم هم، فقوله: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا﴾ أيكون إنسان غير عدل شهيد على الأمة؟! لا والله، ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: 143]، الشهادة على الناس منقبة ومرتبة فاخرة سامية سامقة، والله ما يجعلها الله لرجل لم تثبت عدالته، بل طعن في عدالته، لا والله حاشا وكلا.
هذه النصوص وإن قلت الأمة بمجموعها تشهد، لكن الصحابة يدخلون دخولاً أوليًّا في هذه النصوص.
ثم النصوص الخاصة وما أكثرها ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ [الفتح: 18] ﴿مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ ...﴾ [الفتح: 29].. قرأنا الآيات، ألا يكفي أن الله زكَّاهم، وزكَّى سمعهم وفهمهم، وزكَّى دينهم وعدالتهم؟ والله كافٍ لمن كان له قلب، أو ألقى السمع وهو شهيد.
q    ومن السنة
هناك أحاديث كثيرة يأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها بتبجيل أصحابه -رضي الله عنه وأرضاهم- أو بالتحذير من الطعن فيهم، والغمز واللمز.
حديث ، «لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل جبل أحد ذهبًا»، يقول الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا أصحابي» لا تسبوهم «فلو أن أحدكم أنفق مثل جبل أحد ذهبًا ما بلغ مدَّ أحدهم ولا نصيفه» كف من هذه الأيادي الطيبة الطاهرة، ما بلغتها، ما بلغ إنفاق مثل جبل أحد ريالات ودنانير؟ ذهبًا، ألا يكون كافيا قاطعًا؟ يكفي ويقطع بهذا، والنصوص تترى،
 ولذلك تواتر وتوارد العلماء على التأليف في فضائل الصحابة، فإذن نظرت في كتاب شيخ المحدثين الإمام البخاري أبدًا تجد كتاب فضائل أصحاب النبي، كتاب فضائل أصحاب الصحابة، ثم يذكر فضائل البدريين، وقبل ذلك العشرة المبشرين، والبدريين، وأهل بيعة الرضوان، وهلم جرا، ثم حتى يصل إلى فضائل أبي بكر التي تخصه هو دون غيره، ثم فضائل عمر، ثم عثمان، ثم علي رضي الله عنهم وأرضاهم، ثم ينتقل إلى فضائل الأنصار وهلم جرا.
ولم يصنف عالم معتد به من علماء أهل السنة والجماعة كتابًا في أحاديث الحبيب النبي، إلا وجعل من ضمنها كتاب فضائل أصحاب النبي -صلوات ربي وسلامه عليه.
q    ومن الإجماع ،ثبتت بإجماع أهل السنة قاطبة.
فكان أهل السنة على قول رجل واحد، فإن قلت: ورد الطعن في أصحاب أو بعض أصحاب الحبيب النبي من قِبَلِ بعض الفرق، نقول: لا عبرة لهم، فهذا خلاف غير معتبر، ولا قيمة لقولهم، وربي الذي لا إله غير اضرب بقولهم عرض الحائط، وأنت على أتم تبجيل، وأعظم إجلال لأصحاب الحبيب النبي -صلى الله عليه وسلم.
فانعقد الإجماع، ونقل الإجماع طوائف
q    ومن المعقول
لازموا النبي -صلى الله عليه وسلم- وجعلهم النبي دروعًا بينه وبين الكفار في الغزوات، فكان بين جنابتهم، بل كان بينهم لا يحمل سيفًا، لا يخاف منهم أبدًا، بل يجعلهم أُسْدَ الله الذين يذبون عن دين الله، والذين يحمون بينه وبين أعداء الله -عز وجل-، يحمونه -صلوات ربي وسلامه عليه- من أعداء الله -عز وجل-، ثم بعد ذلك نقول: هم ليسوا عدولاً، إن كانوا ليسوا عدولاً أيسلم لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ويعيش بينهم من دون احتياط ولا خوف ولا خشية ولا وجل؟ لا والله، أنت  إن رأيت من رجل خديعة أو مكرًا، والله أخذت كل أوجه الاحتياط منه، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعيش في جنباتهم وبينهم، وكان يخرج معهم، كان دأب الصحابة يقول: خرج رسول الله وأبو بكر وعمر، دخل رسول الله وأبو بكر وعمر، وزيراه، مستشاراه، نعم، بعد هذا أقول: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مات وهو غير راضٍ عنهم، والله إنه لقول آفك.
ثم أن الطعن بأصحاب الحبيب النبي -صلى الله عليه وسلم- ضمنًا وضرورةً هو طعن بالمربي؟ نحن ما نطعن بأحد هؤلاء الذين يدعون عدم عدالتهم يطعنون بمجموع أصحاب الحبيب، فيكفِّرون أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- جملةً وتفصيلاً، بل لا يجعلون المسلم منهم إلا أربعة، أو ستة، أو ثمانية، على أقصى تقدير اثنا عشر صحابيًّا، والباقي كفَّار مرتدون، والله لقد قالوا قولاً إدًّا، أليس هذا هو طعن بالنبي -صلى الله عليه وسلم- الذي رباهم، فأين العقول التي تدَّعي كذبًا وزورًا الطعن بأصحاب الحبيب النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ فهي في الحقيقة -كما قلت- طعن بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ضرورة بداهة.
س/ ما هى الكتب التى صنفها العلماء في الصحابة ؟
q    كتاب الإصابة في تمييز الصحابة للحافظ ابن حجر.
كتاب جامع تام، وآية في التحقيق، نفيس في بابه، لا يتجاسر عالم في زماننا إلا أن يرجع إليه إن كان يريد أن يتكلم في الصحابة.
q    ومن الكتب "أُسْدُ الغابة" لابن الأثير الجزري،
q    ومن الكتب "الاستيعاب في معرفة الأصحاب" لابن عبد البر،
q     ومن الكتب "معجم الصحابة" لابن قانع،
q     "معرفة الصحابة" لأبي نعيم،
 والكتب كثيرة وهذه الكتب هي الأمهات، التي يرجع إليها العلماء عند ترجمة الصحابي وبيان بعض ما يتعلق به.
وأجمعها وأكثرها تحريرًا وتدقيقًا وتمييزًا بين الصحابة الذين اتُّفق على صحبتهم، رواية الصحابة الذين اختلف فيهم، وهلم جرا، إلى أن يصل إلى المخضرمين، هو كتاب "الإصابة" للحافظ ابن حجر -رحمة الله تعالى عليه رحمة واسعة.
س/ من هو التابعي؟
من لقي الصحابي مسلمًا، ومات على ذلك،
هناك بعض الرواة أدركوا زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأسلموا في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهم ليسوا صحابة، بل أدخلوا ضمن التابعين، وهم الذين يسميهم العلماء بالمخضرمين.
س/ من هو المخضرم؟
من أدرك زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- مسلمًا ثم ارتحل إلى النبي أو لم يرتحل، فمات النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يره، ولم يلقه،
 وهذا واقع عن بعض المخضرمين، وهم من التابعين، أنه أدرك زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأسلم في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأكثرهم ارتحل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لكنه لما بلغ المدينة سمع خبر موت النبي -صلوات ربي وسلامه عليه-، فلم يلق النبي -صلى الله عليه وسلم- وجهًا لوجه، وإنما أدرك زمانه فقط، وهذا الذي نسميه بالمخضرمين، وهؤلاء من جلَّة التابعين، وهم أعلى طبقات التابعين.
س/ هل مرسل كبار التابعين حجة أم لا ؟
وقع الخلاف بين العلماء فيه،
ونقل الخلاف الذهبي في الموقظة، ونقل أن طوائف من الفقهاء اعتدوا واحتجوا بمرسل كبار التابعين، ألا توافقونني -ونحن إذ ذاك نقرر وجود الخلاف- أن مرسل كبار التابعين -ولو لم تقل أنه حجة- لكن حقيقة يحتاج إلى أي قرينة، أو إلى أي أمر يعتضد به، فيكون حجة؛ لأن مثل هؤلاء الذين أدركوا عامة الصحابة، ورووا عن عامة أصحاب الحبيب النبي، رووا عن عامة الصحابة، هذا كبار التابعين، عامة حديثه يرويه عن أصحابي الحبيب النبي، فهو إذ أرسل يغلب على الظن أنه إنما سمعه من أحد أصحاب الحبيب النبي.
س/ هل تعريف المرسل هو ما سقط منه الصحابي أم لا ، ولماذا ؟
ليس تعريف المرسل كما يقول بعض طلبة العلم، ما سقط منه الصحابي؛
 لأن الصحابة كلهم عدول، فلو سقط صحابي لبقي المرسل من قسم الحديث الصحيح، ولكن الحق والتحقيق أنه من الضعيف،
س/ ما الذى نخشاه فى الحديث المرسل ؟
 فالذي نخشاه في المرسل لا سقوط الصحابي، الذي نخشاه أن يروي التابعين عن تابعي عن صحابي، فيسقط التابعي، هذا الذي نخشاه،
س/ لماذا النفس تميل إلى أن مرسل كبار التابعين أقرب ما يكون إلى الاحتجاج إن اعتضد بأي عاضد ؟
كبار التابعين، يروون بعضهم عن بعض، إن هذا الذي هو عامة روايته من كبار التابعين أو مخضرم، عامة روايته عن أصحاب الحبيب النبي، حقيقة النفس تميل جدًّا إلى أن هذا المرسل أقرب ما يكون إلى الاحتجاج إن اعتضد بأي عاضد من فتوى معتبرة، أو فتوى أصحاب الحبيب النبي، أو أي أمر اعتضد به، أو بحديث ضعيف، أو منقطع الإسناد، فالنفس تميل إلى أنه يتقوى بذلك، ويصبح حجة، لذلك نص جماعات من أئمة الجرح والتعديل على أن مراسيل بعض التابعين، كبار التابعين حجة، كسعيد بن المسيب، وقالوا: مراسيل، وليسوا سعيدًا فقط أبدًا، جمع كبار، وانظر واعمل دراسة لمراسيل التابعين، تجد أن عامة من قيلت أن مراسيله صحيحة، تجد أنه في الغالب من كبار التابعين، وعامة من قيل أن مراسيله ضعيفة تجده من الطبقة الصغرى من التابعين، أو الوسطى منهم.
س/ ما هى أقسام الموقوف ؟
الموقوف يقسمه العلماء على قسمين
q    موقوف قولي،
q    موقوف فعلي،
يعني موقوف من قول أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو موقوف من فعلهم،
س/ ما الحديث القدسي؟
هو الذي يرويه الحبيب النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الله -جل جلاله-، فيقول: قال الله -عز وجل-، أو في ما يرويه عن ربه،
 س/ ما هى الألفاظ التي تطلق على الحديث القدسي ؟.
q    يقول الحبيب النبي: قال الله -عز وجل-،
q     أو: في ما يرويه عن ربه،
q     يقول الصحابي: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ما يرويه عن ربه كذا وكذا،
 فهذا نسميه الحديث القدسي، إذن نسبته لمن؟ إلى الله -جل وعلا.
س/ هل الأحاديث القدسية كلها صحيحة؟
الحديث القدسي كالحديث النبوي، فيه الصحيح، وفيه الحسن، وفيه الضعيف، بحسب الإسناد، والحكم على الرواة جرحًا وتعديلاً، وبحسب أحوال الحديث وتحقق شروط الصحة والحسن فيه.
الحديث القدسي لا نقطع بأن الله -عز وجل- قد نُسب هذا الحديث إليه إلا إذا صحَّ الإسناد من المصنفين إلى النبي الحبيب -صلوات ربي وسلامه عليه.
س/ ما الفرق بين الحديث القدسي والقرآن الكريم؟
1- القرآن الكريم من كلام الله جملة وتفصيلاً، فهو صفة الله - عز وجل-.
الحديث القدسي رُوِيَ إلى الله، رُفِعَ إلى الله، نُمِيَ إلى الله، نماه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، رواه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، رفعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى ربه، فالآن القرآن كلام الله، والحديث القدسي رُفِعَ إلى الله،
2- أن القرآن متواتر، و عامة الأحاديث القدسية أخبار آحاد، وليست بمتواترة.
، أن القرآن بمجموعه، بكل آية منه هو، بل بكل حرف منه متواتر، بل بكل حركة منه هو متواتر، إن التواتر تعدى القرآن إلى أوجه أداء القرآن يعني إلى القراءات القرآنية، السبعية والعشرية، فكلها متواترة، هذا الحق والصدق.
هذا القرآن بكل ما فيه، وبأوجه أدائه كلها متواترة،
أما الحديث القدسي فليس على ذلك، عامة الأحاديث القدسية أخبار آحاد، وليست بمتواترة.
3- أن القرآن حق وصدق، وصحيح عن الله -عز وجل- ثبوته إلى الله بالقطع واليقين أنه من كلام الله -عز وجل-،
 ولم يخالف بهذا إلا الضلَّال وأهل البدع والأهواء، والصحيح أن الحديث القدسي منه الحسن ومنه الضعيف.
4- القرآن متعبد بتلاوته، والحديث القدسي ليس متعبدًا بتلاوته.
5- أن القرآن معجز، وأن الحديث القدسي غير معجز.
6- إن كتاب الله وحي من جبريل، أما الحديث القدسي فإنما أخذه النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الله منامًا أو إلهامًا،
 في المنام أو في الإلهام، وليس بوحي من جبريل عن الله -عز وجل-، أما القرآن فلم يُنقل من الله -عز وجل- إلى نبينا -صلى الله عليه وسلم- إلى فؤاده وقلبه ليعقله ويعيه إلا وقد نقله جبريل -عليه أفضل الصلاة-، فلم تنزل آية إلا وكان جبريل أمين السماء هو الذي تحملها حتى يقر بها إلى قلب النبي -صلى الله عليه وسلم- ولبه وفؤاده، أما الحديث القدسي فقالوا: إنما هو إلهام ومنام، وهذا لا أدري قد يكون أسلم، وقد يكون محل نظر، يحتاج درسًا، الأمر واسع،
 وهو قضية: بعض الأحاديث كحديث، أخبرني بذلك جبريل لما أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فتكلم عن المجاهد أنه إذا جاهد المسلم مقبلاً غير مدبر، فإنه يغفر له، وأنه يكفر عنه جميع خطاياه، فقال: إلا الدَّين، أخبرني بذلك آنفًا جبريل، إذن بعض الحديث النبوي إنما أخذه النبي -صلى الله عليه وسلم- من جبريل، فهل يقال أنا لم أقف على حديث قدسي، أنا حسب علمي لم أقف على حديث قدسي رواه النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين في الرواية أنه أخذه من جبريل، لكن بعموم الأحاديث منها ما أخذ من جبريل، فلا يبعد أن يكون الحديث القدسي بعضه أو قليل منه على هذا النحو، والله تعالى أعلم، والأمر سهل في هذا،
س/ كيف يكون القرآن متعبد بتلاوته؟
إذا قرأت كتاب الله -عز وجل- أُجرت، وتعبَّدت الله -عز وجل- بتلاوته، وارتقيت في الدرجات، وارتفعت في المنازل والطاعات على قدر قراءتك لكتاب الله -عز وجل-، بل من أعيب العيب أن يهجر المسلم كتاب الله -عز وجل- ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَب إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ [الفرقان: 30] نعوذ بالله من الخذلان.
أما الحديث القدسي فليس متعبدًا بتلاوته،
وقفت قديمًا على اعتراض بعض شرَّاح النخبة في هذا، قالوا: لو أردت أن أقرأ الحديث القدسي الصحيح الثابت، ألا يحتسب بقراءتي لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أو بالحديث القدسي أو يكون للمسلم أجر؟
{يكون أجر، وفيه أيضًا إنما يرد اسم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعندما يقول المسلم صلى الله عليه وسلم يؤجر عليه}.
إذن الحديث القدسي أيضًا إن كان صحيحًا ثابتًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وإذ ذاك سيكون صحيحًا ثابتًا عن الله -جل وعلا-، أنه إذا قرأته تتعبد بمعنى ما أعني التعبد تعبد كتاب الله -عز وجل-، فلذلك أقول: نقل بعض شرَّاح النخبة الاعتراض على هذا، والحق ما قاله العلماء؛
لأن القرآن متعبد بذاته، أما الحديث القدسي فينبغي أن يصاحب ذلك النية في العبادة، فالقرآن متعبد به، والحديث القدسي غير متعبد به.
س/لم لا يتعبد بالحديث القدسي وهو يُروى عن الله -عز وجل ؟.
القول الأول: لأن الأحاديث يجوز روايتها بالمعنى، ومنها الحديث القدسي، وهذا قال به بعض أهل العلم.
القول الثاني: أن القرآن كلام الله -عز وجل-، وأن الحديث القدسي إنما هو معنى كلام الله -عز وجل- بعبارة ولفظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
بعض العلماء يقول: إن القرآن متعبد بتلاوته؛ لأنه كلام الله -عز وجل-، وأما الحديث القدسي فمروي بالمعنى، والقرآن لا يُروى بالمعنى، ويجوز الرواية، وسنأتي إليها قريبًا عاجلاً عاجلاً إن قدَّر ربي وأعان، فتجوز الرواية بالمعنى عند أكثر أهل الحديث،  فالحديث القدسي من ضمن الأحاديث التي تروى بالمعنى،
القرآن كلام الله -جل وعلا-، كأن هذا القائل يريد أن يقول -وهذا قول الجماهير: حتى لو أنني قطعت أن لفظ الحديث القدسي إنما كان هو لفظ النبي -صلى الله عليه وسلم-، الذي نطق به وقال به، يعني أنه لم يروه أحد ممن روى الحديث بالمعنى، لا صحابي رواه بالمعنى، ولا تابعي، ولا من أخذ من التابعين حتى نبلغ به المصنفين، وقطعنا بأن اللفظ كما أداه كل تلميذ عن شيخه عن شيخه عن شيخه حتى يصل به على لفظ الحبيب النبي -صلى الله عليه وسلم-، إلا أن النبي قد روى أو ذكر الحديث القدسي بلفظه هو، لا بلفظ الله -جل وعلا-، أما القرآن فهو كلام الله بلفظ الله حرفًا وصوتًا، عقيدة أهل السنة والجماعة، والتي تناوئ عقيدة أهل البدع من الأشاعرة والمعتزلة، أن القرآن كلام الله حقيقة حرفًا وصوتًا.
س/ ما معنى معجز؟
فيه خطأ هنا في فهم المعجز عند كثير من طلبة العلم، بعض طلبة العلم يظن أن المعجز هو الذي نزل على أفصح الكلام وأفصح الوجوه، وأنا متأكد أن بعضنا يظن هذا الظن، الحديث القدسي أيضًا وهو من لفظ الحبيب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأفصح من نطق بالضاد، وهو الذي أوتي جوامع الكلم.
لم لا يكون معجزًا كذلك؟
لا، لابد من قيد آخر في الإعجاز، أن المعجز هو الكلام الفصيح، أو أفصح كلام العرب، أضف إليه قيدا آخر، وهو: المتحدى به، ربي -عز وجل- تحدى بكتاب الله -عز وجل- تحدى العرب أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور مثل مفتريات، أو بسورة من مثله، فتحدى الله -عز وجل- العرب بكتاب الله -عز وجل- وأن يأتوا بمثله، أو بسورة، أو بعشر سور من مثله، أما الحديث فلا.
إن الحديث أكثره بل جله على أفصح كلام العرب، نعم، لأن القائل هو النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن قلت يا شيخ تجوز روايته بالمعنى، نقول: الصحابي من أفصح العرب، من فصحاء العرب، والتابعي إلى سنة مائة وخمسين عصر الاحتجاج، إلى سنة مائة وخمسين العلماء علماء العربية يجعلون عصر الاحتجاج باللسان العربي إلى حد مائة وخمسين زاد أو نقص في بعض القائل على حسب دخول اللحن والعجمة فيها، لكن الحد العام سنة مائة وخمسين هو منتهى الاحتجاج بأشعار العرب، بعد ذلك كثر اللحن.
.. الأحاديث في الموطأ مثلاً في موطأ مالك، متى مات الإمام مالك مائة وتسعة وسبعين، يعني أدرك.. والإمام مالك من المدرسة التي تروي باللفظ وتشدد على اللفظ، وتجيز الرواية بالمعنى بشروط شديدة حقيقة، كحال المدرسة المدنية، فغالب الظن أن الموطأ كله من لفظ شيخه الذي هو كان في عصر الاحتجاج اللغوي، فكما قال بعض من صنف في الحديث وأنه حجة في اللغة، قال: إن احتججنا.. أن بعض أهل اللغة لا يحتج بالحديث في اللغة العربية أو في النحو، فأجيب عنه بأجوبة في منتهى القوة والنفاسة، قالوا: أنحتج بشعر شاعر بوال على عقبيه، ولا نحتج بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي رواه الثقة العدل الضابط عن مثله عن مثله إلى منتهاه، فالحقيقة أن حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- حجة حجة في اللغة العربية واللسان العربي المبين.
إن الحديث النبوي أوتي حظه من الفصاحة والبلاغة والبيان، لأنه هو من كلام الحبيب، ومنطوق الحبيب -صلى الله عليه وسلم-، أفصح من نطق بالضاد، ومن أوتي جوامع الكلم، لكنه مع ذلك ليس معجزًا؛ لأنه لم يتحد به أن يؤتى بمثله، وإنما تحدي بكتاب الله -جل وعلا-، أن يؤتى بمثل كلام الله -عز وجل.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق