نالأكاديمية
الإسلامية المفتوحة / الفصل الدراسى الأول / مادة مصطلح الحديث / د.
رامز بن محمد ابو السعود
بسم
الله الرحمن الرحيم
الدرس (6)
س/
ما هو القيد آخر ذكره العلماء في حالة الرواية بالمعنى ؟.
ج/ في
حالة الرواية بالمعنى، قيد آخر ذكره العلماء، أنه إذا روى بالمعنى فإنه ينبغي أن
يكون عالما بالعربية، عالما بما يحيل إليها من المعاني، بحيث يعرف الألفاظ التي
ينبغي أن تستخدم بدل الألفاظ التي هي من ألفاظ حديث النبي صلى الله عليه وسلم، بما
أنه أراد أن يروي بالمعنى، فيعلم ما ينبغي أن يستعيض عنه من هذه الألفاظ بتلك الألفاظ.
س/
ما هى شروط ضبط الكتاب ؟.
ج/ ضبط
الكتاب يشترط فيه جملة من الشروط.
·
الشرط الأول: هو أن
يكون متيقظ غير مغفل، أي أن يميز حديثه من حديث غيره، ستقول لي: كيف هو ضابط
كتاب فهو يستطيع أن يميز، لا لا، سنأتي إلى هذا، بالنسبة لضبط الكتاب حقيقة يا
إخوة، ذكر العلماء في هذا الضبط
·
الشرط الثانى: قالوا
أن يكون ضابطًا لكتابه
إن حدث من كتابه، أن يكون ضابطا، أيضًا يشترط من الشروط أن يكون ضابطا من
كتابه إن حدث من كتابه، أن يكون ضابطا لكتابه إن حدث من كتابه، بمعنى أن يميز خطه
عن خط غيره، فإذا أدخل على نسخته بخط مغاير لخطه ميز أن هذا ليس من حديثه، وليس من
خطه، نعم.
وهذا له وقع ملموس، هذه القواعد يا إخوة
ليست نظرية، هذه واقع وقائع، قواعد لها واقع تطبيقي ملموس، من هذا عندنا راوي
معروف اسمه عبد الله بن صالح، كاتب الليث، هذا الرجل مختص بالليث بن سعد حتى صار
نعته لقبه: كاتب الليث بن سعد، ونعرف أن الليث بن سعد فقيه من الفقهاء، عالم من
أكابر علماء الحديث، حتى إن الإمام الشافعي لما سئل قال هو أفقه من مالك، مالك بن أنس إمام دار الهجرة، نعم، هو
قال هو أفقه من مالك.
يعني رجل تشد إليه الرحال في طلب العلم،
في الفقه والحديث، وفي الحديث متمكن قوي، يعني
حديثه مرغوب مطلوب، مدار أسانيد في المدرسة المصرية، لأنه من أهل مصر.
فعبد الله بن صالح كاتب الليث، مختص
فيه، ذكر أنه لازم الليث عشرين سنة، إذن الآن تريد أفضل من هذا الاختصاص فيه
اختصاص لا، لازمه ملازمة طويلة، لكن مع ذلك لم يقبل العلماء حديثه عن الليث،
لماذا؟
س/
لماذا لم يقبل العلماء حديث عبد الله بن صالح عن الليث ؟.
ج/ الرجل
فيه ثلاثة إشكالات:
·
أولا : رداءة حفظه،
·
ثانيا: أنه في آخر
أيامه لازم رجلا اسمه خالد بن نجيح المصري، كذاب، يكذب على حديث رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم، وكان أسرع التلاميذ خطا، وأضبطهم، لكنه كذاب، فكانوا لما
يذهبوا عند الشيخ، فيكتبوا، يعتمدوا على كتابه، فيزيد وينقص من الحديث، ويؤلف
ويكذب الأحاديث، ويسرق ويركب الأحاديث والأسانيد، فبلي بهذا، وليس هو وحده، جماعة
من الرواة، الصدوقين، الذين خف ضبطهم شيء ما، بلوا بخالد بن نجيح، فضعفت روايتهم
لرفقته، هذه الرفقة السيئة، سبحان الله لا تأتي بخير.
هذا الإشكال وضح، طيب الإشكال في الليث
بن سعد، إذن قلت أن مشاكله ثلاثة، الأول: لا ارتباط له بالليث، لأنه كان يعتمد على
حفظه، والرجل عند الليث كان يكتب، الثاني أيضًا لا ارتباط له بالليث، لأنه أكثر
الناس ملازمة وضبطا وإتقانا من؟ هو هو عبد الله بن صالح، لم يحتج إلى خالد بن نجيح
حتى يأخذ منه حديث الليث، وهو الذي لازمه عشرين سنة، صح أم لا؟
إذن ما المشكلة، اسمعوا إلى ما قاله
الإمام ابن حبان في كتاب المجروحين، يصف الإشكال وسبب ضعف روايته عن من اختص به
ولازمه عشرين سنة.
يقول: قال هو منكر الحديث جدا، يروي عن
الأثبات ما لا يشبه حديث الثقات، وعنده المناكير الكثيرة عن أقوام مشاهير أئمة،
وكان في نفسه صدوقا، إذن ما طعنه في عدالته، المشكلة ليست في عدالته، وكان في نفسه
صدوقا، يعني صاحب عدل، صاحب ديانة، يكتب لليث بن سعد الحساب، وكان كاتبه على
الغلات،
·
ثالثا:وإنما وقع
المناكير في حديثه من قبل جار له رجل سوء، ما هذه القصة، اسمع..
يقول
ابن حبان: سمعت ابن خزيمة –شيخه- يقول: كان له جار بينه وبينه عداوة، فكان يضع
الحديث على شيخ عبد الله بن صالح، يعني يكتب الحديث كأنه من رواية الليث بن سعد،
ويكتب في قرطاس بخط يشبه خط عبد الله بن صالح، يعني هنا دخلت عليه، أنه لم يميز
خطه عن خط غيره.
فقال:
ويكتب في قرطاس بخط يشبه خط عبد الله بن صالح، ويطرحه في داره، في وسط كتبه، فيجده
عبد الله فيظنه خطه، وكتابه، فيحدث به، فيتوهم أنه خطه وسماعه، فمن ناحيته وقعت
المناكير في أخباره.
إذن
لها أثر أم لا؟ أثرت في روايته وأضعفت روايته مع أن حقه أن يكون خليقا بأن يكون من
أثبت الناس في الليث بن سعد.
لأمرين:
لطول الملازمة، ولأنه اعتمد على الكتابة، فهذا تثبت غاية التثبت.
س/
ما هى أقسام الرواة من حيث الثقة وعدمها إلى قسمين ؟.
ج/ تقسم
الرواة من حديث ما ورد فيهم من جرح أو تعديل، أي من حيث الثقة وعدمها إلى قسمين:
القسم الأول: من عرفت عدالته أو ضبطه
أو كلاهما.
والنوع الثاني: من لم تعرف عدالته أو
ضبطه، يعني رجل تكلم في عدالته أو ضبطه بتوثيق أو بغيره سنمر على الأقسام،
ورواة لم يتكلم فيهم، لم يعرف فيهم لا عدالة أو ضبط، لم يتكلم في عدالتهم أو في ضبطهم،
هؤلاء الذين نسميهم المجهولين.
س/
من هو المجهول؟
ج/ الذي
لم يذكر فيه جرح ولا تعديل.
س/
ما هى أقسام المجهول ؟.
ج/ والمجهول
على قسمين:
مجهول عين، ومجهول حال.
س/
من هو مجهول الحال ؟.
ج/ ومجهول
الحال حقيقة هو المستور، ومجهول الحال جهلت عدالته الظاهرة وعرفت عدالته
الباطنة.
ومجهول الحال هو الذي روى عنه اثنان
فأكثر، ولكن أيضًا لم يذكر فيه جرح ولا تعديل، إذن مجهول الحال هو
الذي روى عنه اثنان فأكثر، ولم يذكر فيه جرح ولا تعديل.
س/
هل للعلماء تقسيم آخر للمجهول ؟.
ج/ وبعض
العلماء جعلهم ثلاثة أقسام، فجهل المجهول عين قسم، ومجهول الحال قسم، والمستور
قسما ثالثا، لكن الحق حقيقة من صنيع المحدثين هو ما قرره الحافظ ابن حجر أن
المستور هو هو مجهول الحال.
إذن نجعلها على قسمين وهذا أيسر للطالب،
وأنفع لواقع الرواية، لواقع الاستفادة العملية، التطبيق العملي.
س/
من هو مجهول العين ؟
ج/ من
خلال كلمة مجهول العين كأن عدالته الظاهرة والباطنة لم تعرف، صح أم لا؟ جهلت
عدالته ظاهرا وباطنا، أما مجهول الحال، كأن عدالته الباطنة عرفت لكن عدالته
الظاهرة لم تعرف. مجهول الحال، حاله الظاهر لم يعرف لنا،أى أن مجهول العين، هو
الذي جهلت عدالته الظاهرة والباطنة،
مجهول العين هو من لم يرو عنه إلا راو
واحد ولم يذكر فيه جرح أو تعديل، ، هو الراوي الذي لم يرو عنه إلا راو
واحد، فيه كل كتب السنة لم يكن له تلاميذ إلا راو واحد، هذا إن دل فيدل على قلة
وندرة في .. يعني ليس له عناية بعلم الحديث، أبدا، وقعت له رواية فنقلها، رواها
فقط، فلم يعلم العلماء لا حاله الظاهرة ولا حاله الباطنة، هذا هو مجهول العين، هو الذي لم يرو عنه إلا راو واحد ولم يذكر فيه جرح أو
تعديل.
س/
ماذا نعني بالعدالة الباطنة ؟.
ج/ العدالة الباطنة هي العدل،
شروط العدالة، أن يكون مسلما بالغا عاقلا سالما من أسباب الفسق وخوارم والمروءة.
س/
ماذا نعني بالعدالة الظاهرة ؟.
ج/ العدالة
الظاهرة هي ضبطه ومدى إتقانه وضبطه لحديثه.
س/
ما الفرق بين مجهول العين ومجهول الحال؟.
ج/ كلاهما
لم يذكر فيه جرح ولا تعديل، لكن الأول أعمق
في الجهالة، وأغوص في الجهالة، ما روى عنه إلا واحد، ليس مشهورا بطلب العلم البتة،
بينما مجهول الحال أحسن حالا، لذلك كلا القسمين من أقسام الحديث الضعيف، المجهول
من الحديث الضعيف، لكن هذا ليس كهذا في الضعف، يتفاوتون شيئا يسيرا في الضعف.
س/
ما هى مراتب الرواة من حيث العدالة والضبط ؟.
ج/ من
عرفت عدالته أو ضبطه،
·
المرتبة الأولى:
إما أن يكون هو العدل الضابط، وهذا هو أعلى مراتب الرواة، وهذا هو الثقة، العدل
الضابط، تحققت فيه شروط العدالة وشروط الضبط، وهذا هو الثقة، وحديثه صحيح.
·
المرتبة الثانية: العدل
الضابط الذي خف ضبطه شيئا ما، العدل الضابط الذي خف ضبطه شيئا ما، شيئا قليلا
يسيرا، وهذا الذي يقال عنه الصدوق، وحديثه حسن، إذن ما الفرق بين الأول والثاني،
الأول ضابط ضبطا قويا غالبا راجحا عليه الضبط، هنا ضابط، لكن ضبطه قل قليلا، نزل
يسيرا، وحديث حسن.
·
المرتبة الثالثة:
هو العدل غير الضابط، الذي كثر غلطه، ما هو مطلق شيء ما، هو عدل غير ضابط، تحققت
فيه شروط العدالة..
لاحظوا الأول تحققت فيه شروط العدالة
والضبط، الثاني تحققت فيه شروط العدالة والضبط إلا أن ضبطه نزل شيء يسيرا عن الأول،
الثالث: تحققت فيه شروط العدالة، لكنه لم تتحقق فيه شروط الضبط، فهو الذي كثر غلطه
شيئا ما.
هذا ما نسمي حديثه؟ هو الحديث الضعيف
ضعفا يسيرا، يصلح في المتابعات والشواهد، أي أن حديثه ضعيفا ينجبر بتعدد الطرق.
·
المرتبة الرابعة:
إذا كان الراوي غير عدل، إذن هنا صار القدح في عدالته، لاحظوا لما كان غير عدل ما
نظرنا إلى ضبطه، لأن المشكلة هنا في الرأس في الهرم، المشكلة في ديانته، ما نسأل
ضابط ولا غير ضابط، يعني كأنني أريد أن أقول غير عدل وضابط، مثل غير عدل وغير
ضابط، يعني رجل تحققت فيه صفة الضبط، لكن
العدالة زالت، حاله كحال رجل زالت عدالته وضبطه، لأن المناط عندنا حقيقة
والتركيز على العدالة، وهي الأمانة والديانة، حتى لا يكذب على رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم، أو يستهتر في حديث نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، فيرويه بالمعنى
على وجه لا يوافق العربية، أو شيء بزيادة في الحديث أو نقصان فيه.
إذن هذا يشمل نوعين، النوع الرابع
والأخير، إما أن يكون راويًا عدلًا أو أن يكون الراوي عدلًا
لكنه ضعيف ضعفا شديدا، ففحش غلطه، اللي قبله فكثر غلطه شيء ما، لاحظوا العبارة،
هذه عبارة العلماء، كثر غلطه، وهنا فحش، الأمر زاد عن حده.
النوع الرابع يشمل أمرين، غير العدل،
ولا يهمنا ضبطه، ضابط أو غير ضابط، ما يهمنا لا يعنينا الآن، أو العدل الذي ضعف
حفظه ضعفا شديدا جدا، ففحش غلطه، صار غلطه غالبا على صوابه، وهذا الضعيف ضعفا
شديدا لا يصلح في المتابعات ولا الشواهد، وهو الحديث الضعيف جدا الذي لا ينجبر.
س/ ما
هى أقسام الحديث من حيث الإحتجاج وعدمه ؟.
ج/ تنقسم
الأحاديث إلى حديث محتج به، وله قسمين، وحديث غير محتج به، وهو على
قسمين.
س/ ما هى أقسام الحديث المحتج به ؟.
ج/ حديث
محتج به ينقسم إلى صحيح وحسن،
س/ ما هى أقسام الحديث غير المحتج به ؟.
ج/ الحديث
غير المحتج به ينقسم إلى حديث ضعيف ضعفا يسيرا يصلح في المتابعات –في فن الاعتبار-
إذا أتت طرق له ومتابعات وشواهد يتقوى ويرتقي، وحديث لو أتى ما أتى يبقى هو لا
يرتقي ولا يتقوى، لا يتابع ولا يُتابع، لا ينجبر ولا يتقوى بحال من الأحوال.
س/
ما هى مراتب الجرح والتعديل ؟.
·
ج/ المرتبة
الأولى:
مرتبة الثقة، الثقة الثقة، ثقة حافظ، ثقة ثبت، أمير المؤمنين، طبعا يدخل فيها
تلقائيا أول مراتب الصحابة، من أفعل التفضيل، أوثق الناس، أعلم الناس، أجل الناس،
كأنه آية، كأنه مصحف، هذه المرتبة الأولى.
·
المرتبة الثانية:
الذي حديثه حسن، صدوق محله الصدق، ليس به بأس، لا بأس به، صالح الحديث.
·
المرتبة الثالثة:
ضعيف، سيء الحفظ، يهم، ربما وهم، يهم كثيرا، كلها نفس المرتبة هذه، ضعيف، سيء
الحفظ، وما يحوم حولها، القضية مناطة بالضبط.
·
المرتبة الرابعة:
هي الطعن بالعدالة، كذاب، سارق، متهم بالكذب، متروك، واه، ارمِ بحديثه، مطروح الحديث، لا يحتج بحديثه، ولا يكتب حديثه.
س/
ما هى شروط ضبط الصدر ؟.
ج/ شروط
ضبط الصدر: أن يؤدي الحديث كما سمعه فيحفظ حديثه، فيقل سهوه وخطأه فيه، ما
قلنا ينعدم يا إخوة سهوه وخطأه، لن ينعدم.
فيقل سهوه وخطؤه
فيه، ويتحقق ذلك بما يلي: أن يكون متيقظًا غير
مغفل، أن لا يقبل التلقين، أن يوافق الثقات، فيقل
تفرده أو مخالفته لهم، ما قلنا ينعدم أيضًا فيقل تفرده ومخالفته لهم، كأنني أقبل
تفرد الثقة أحيانا، إذا قامت القرائن على أنه ضبط وأتقن ومن ذلك الأحاديث الأفراد
في صحيح البخاري ومسلم، كحديث عمر رضي الله تعالى عنه، صح أم لا؟ الشرط الرابع إن
روى بالمعنى يستخدم الألفاظ التي تؤدي ذات المعنى.
س/
ما هى شروط ضبط الكتاب ؟.
ج/ شروط
ضبط الكتاب:
·
أن يكون أيضًا متيقظًا غير مغفل، وأن يكون حافظا
لكتابه من الزيادة أو النقص فيه، فلا يعطيه لأحد، أبدا، كتابه عزيز عليه، ما يسلمه
لأحد، وإن اضطر فلا يعطيه إلا لمن يثق فيه، وأن يكون موثوقا عنده.
·
والأمر الآخر أن
يميز خطه من خط غيره، أو عن خط غيره.
س/ ما
هو الحديث الشاذ لغة واصطلاحا؟.
ج/ الشاذ
المتفرد، من شذ شذ في النار، أي من تفرد عن الجماعة تفرد إلى النار، ويأكل الذئب
من الغنم القاصية، الشذوذ هو التفرد في اللغة، شذ عن القوم أي تفرد عنهم،
في الاصطلاح له معنيان، عند علمائنا
علماء الرواية
الأول: مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه
لكثرة عدد أو زيادة حفظ.
إذن المعنى هذا قائم على المخالفة،
الثقة يخالف من هو أوثق منه، هؤلاء أوثق منه إما عددا، يعني هو قابل عشرة مثلا من
الثقات، إذن جميعهم ثقات، لكنه خالفهم، فهي مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه،
وقد يكون الأوثق منه من وجهين، إما من وجه
العدد الكثرة، أو من وجه الحفظ والإتقان، فهو ممكن ثقة يخالف ثقة واحد، لكن
هذا الثقة إمام حجة ضابط، متقن، وهو ثقة عادي، أو صدوق، إذن مخالفة بمن هو أوثق
منه لكثرة عدد أو زيادة حفظ، وهذا حقيقة التعريف الذي عرفه الإمام الشافعي رحمه
الله تعالى، إذ يقول: ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة حديث لم يروه غيره، يعني
يقول الإمام الشافعي ليس الشاذ من الحديث أن يتفرد ثقة، هذا لا يسمى شاذا، هذا رأي
الإمام الشافعي، ورأي محترم موقر، ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة حديثا لم
يروه غيره، وإنما الشاذ من الحديث أن يروي الثقة حديثا فيشذ عنهم واحد فيخالفهم.
إذن مخالفة الثقة لجماعة الثقات، صح أم
لا؟
إذن هو مقتصر هنا في هذا التعريف على
المخالفة مخالفة الثقة فقط، ونص الإمام أن التفرد تفرد الثقة لا يدخل هنا في
الشاذ.
هذا التعريف الأول أو إن شئت هو المنحى
الأول لعلماء الحديث في فهم الشذوذ، وما هو الشاذ، لكن هناك معنى آخر تعريفا
آخر، منحى آخر، سلكه حقيقة جمهور المحدثين.
هو تفرد الثقة، الشاذ تفرد الراوي ثقة
كان أم غير ثقة، ممن لا يحتمل تفرده ولم يتابع عليه، إذن مطلق التفرد،
الشاذ هنا هو تفرد الراوي ثقة أم .. طبعا هو إذا تفرد غير الثقة منتهين منه، حديثه
ضعيف، هذا من الضعيف الذي لا ينجبر، أو الضعيف الذي لم يتابع، صح أم لا؟ يحتاج إلى
متابع، فلم نجد له متابعًا، فيبقى ضعيفا.
لكن المشكلة في تفرد الثقة، لأن هذا
التعريف خالف كلام الإمام الشافعي صح أم لا؟ الإمام الشافعي يقول لك الثقة ..
الشاذ ليس هو المتفرد تفرد الثقة، إنما مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه.
هنا قالوا لا هو تفرد الراوي ثقة كان أم
غير ثقة ممن لا يحتمل تفرده،
س/
ما معنى قيد (ممن لا يحتمل تفرده) ؟.
ج/ خرج
بهذا القيد الرواة الثقات الذين احتمل تفردهم وأخرج أحاديثهم الأفراد في الصحيحين
أو في أحدهما.
س/
لماذا نقبل التفرد من الرواة الثقات الذين احتمل تفردهم ؟.
ج/ احتمل
تفرده، يعني أن الثقة من ضبطه وإتقانه وعلمه رأينا أنه تفرد في هذا الحديث وأن
تفرده مقبول لماذا؟ لسعة علمه ولسعة محفوظاته في الحديث، فلا يبعد أن يتفرد
بحديث عن سائر الرواة، لزيادة العلم الذي عنده، هنا نقبل التفرد لأن القرينة
قامت على حفظه وإتقانه.
وفي هذا التعريف يقول الإمام الحاكم:
فأما الشاذ فإنه حديث يتفرد به ثقة من الثقات، وليس للحديث أصلًا متابع لذلك الثقة.
يعني ثقة يتفرد لا يوافق الثقات، فلا
يوافقه الثقات، ولا يتابعه الثقات على حديثه.
ألا توافقونني أن تعريف الحاكم يخالف
شيئا ما كلام الإمام الشافعي، الشافعي يقول لك الشاذ ليس الشاذ من الحديث أن يروي
الثقة حديثا لم يروه غيره، الإمام الحاكم يقول لك: فأما الشاذ فإنه حديث يتفرد به
ثقة من الثقات، وليس للحديث أصل متابع لذلك الثقة.
ويقول الإمام الخليلي
بعد أن نقل قول الإمام الشافعي، نقل كلام الإمام الشافعي ثم عقب الإمام الخليلي،
وهو إمام محقق من علماء الحديث فقال: الذي عليه حفاظ الحديث، أن الشاذ ما ليس
له إلا إسناد واحد، يعني كأنه يقول لك متفرد، أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد
واحد، يشذ بذلك شيخ ثقة كان أو غير ثقة، المهم متفرد، مين ما يكون، فما كان عن غير
ثقة فمتروك، لا يقبل، يعني إن شذ ضعيف فهذا متروك لا يقبل، وما كان عن ثقة يتوقف
فيه ولا يحتج به.
نعيد الكلام الإمام الخليلي، يقول: الذي
عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد، يشذ بذلك شيخ ثقة كان أو غير
ثقة، يشذ بذلك الإسناد شيخ ثقة كان أو غير ثقة، ولاحظوا عبارة شيخ، كلمة الشيخ
يطلقها النقاد على من خف ضبطهم شيئا ما، لا يطلقونه على الثقة المرتبة العليا
حقيقة، وهذا كلام الحافظ ابن رجب، في شرح العلل، فالمهم نرجع إلى كلام الخليلي،
قال إن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد، يشذ بذلك
شيخ ثقة كان أو غير ثقة، فما كان عن غير ثقة فمتروك لا يقبل، وما كان عن ثقة يتوقف
فيه ولا يحتج به.
ويلخص لنا الإمام ابن رجب الحنبلي إمام
العلل المسألة فيقول: وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم
يقولون في الحديث إذا انفرد به واحد، وإن لم يرو الثقات خلافه، يعني تفرد ولم
.. كأنه يقول لك نحن نتكلم عن الثقة المتفرد، لا عن الثقة المخالف لغيره، نعيد،
وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا انفرد به واحد، وإن لم يرو
الثقات خلافه، أنه لا يتابع عليه، ويجعلون ذلك علة فيه، أي قادحا فيه، اللهم –تتمة
كلام الإمام ابن رجب- اللهم إلا أن يكون
ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته، وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات
الثقات الكبار أيضًا ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه. أي
والله، لكل حديث قرائن تنقدح في خلد الناقد تجعل التفرد مقبولا من الثقات الكبار،
أو من الثقات، أو غير مقبول. هناك قرائن كحديث مالك، تفرد أو لا، هذه زيادة مالك
في حديث ابن عمر في فرض رسول الله في زكاة الفطرة ... من المسلمين، كلام الإمام
أحمد أن الزيادة مقبولة، ولكن لولا .. يعني كأن الإمام أحمد –أنا لا أحفظ الكلام
بنصه الآن لكن موجود عند الحافظ ابن رجب في شرح العلل-، كلام الإمام أحمد يوحي أن
لولا أن العمريين قد تابعا مالكا وإلا كان في قبول رواية مالك شيء في هذه الزيادة،
وندخل حينها في موضوع زيادة ثقة، وليس موضوع بسطه.
لكن حقيقة ينبغي أن تربطها يا طالب
العلم زياد الثقة هذه بهذه، نعم.
لأن الذين يقولون وهم الفقهاء، يقولون
أن الزيادة تقع مقبولة مطلقا، كأنه يا إخوة ما عندهم شيء اسمه شاذ، صح أم لا؟ لأن
الزائد فيه نوع مخالفة ولا ما فيه نوع مخالفة، الآن عندي مئة تلميذ عندي بين يدي،
وفيه النجيب وفيهم غير النجيب، فأتى تلميذ من التلاميذ وقال الشيخ قال كذا وكذا،
وزاد علي كلمة، الكل يقول لم يقل إلا كذا وكذا، حقيقة أليست هي مخالفة، فيها نوع
مخالفة على الأقل، نعم، زيادة الثقة فيها نوع مخالفة ثقة لسائر الثقات، فكيف بعد
هذا أقول والله زيادة الثقة مقبولة مطلقا، لما أعرف الحديث الصحيح أقول من غير
شذوذ، هذا اضطرار، لذلك أهل الحديث مشوا على نسق واحد، ساروا على خطى واحدة، كما
قال الحافظ ابن رجب، أن لكل حديث ذوق خاص، وفهم خاص ينقدح قرائن خاصة، تنقدح في
ذهن الناقد فيقبل التفرد أو لا يقبل التفرد.
س/ ما
هي العلة لغة؟.
ج/ العلة
في اللغة: المرض والضعف ، يقال رجل عليل، أي مريض ضعيف،
س/
ما هو الحديث المعلول؟
ج/ هو
خبر ظاهره السلامة اطلع فيه بعد التفتيش على قادح، لاحظوا ما أجمل كلام
العراقي لما عرفه بهذا التعريف، واخترته من بين سائر التعريفات لجماله وروعته
ورونقه والله، هو خبر ظاهره السلامة، كأنه يريد أن يقول العلة أكثرها في حديث
الثقات، الذين ظاهرهم العدالة والضبط، السلامة،
هو خبر ظاهره السلامة اطلع فيه بعد
التفتيش، يعني الأمر يحتاج إلى عالم متبرح وتفتيش ونظر دقيق، اطلع فيه بعد التفتيش
على قادح، يعني إذن العلة كلها قادحة.
لأن بعض الفقهاء قالوا العلة قادحة وغير
قادحة، وهذا ليس بصحيح، تقسيم المحدثين وسنأتي إليه، أن العلة قادحة، لكن بعضها
يقدح في أصل الحديث في المتن، وبعضها يقدح في إسناد من الأسانيد، وليس في أصل
الحديث.
فالعلة
سبب خفي غامض قدح في صحة الحديث مع أن الظاهر السلامة منه.
هو سبب خفي غامض، إذن معناه أن العلة
خفية أم جلية؟ خفية، وإذن لا يطلع إلا المتبحرين من أهل العلم، إلا الربان، يعني
الكبار الأكابر من أئمة الحديث.
س/ هل
معقول أن الثقة يخطئ؟.
نسمع الآن ما يقول العلماء.
قال ابن معين رحمه الله
إمام الجرح والتعديل: من لم يخطئ فهو كذاب.
راوٍ يقول أنا لم أخطئ،
يعني الإمام ابن المعين ما يقول له؟ أنت كاذب.
وقال أيضًا: لست أعجب ممن يحدث
فيخطئ، -يعني ليس غريبة هذه- إنما أعجب ممن يحدث فيصيب.
هذا ليس غريبا أن يحدث الثقة فيخطئ
عادي، لكن كيف يحدث الثقة فيصيب، ما هو قضية أنه .. كأنه يريد أن يقول كيف يحدث
الثقة فلا يخطئ، هنا مورد عجبي، كأنه يقول لك ما فيه ثقة لا يخطئ.
قال الإمام أحمد:
كان مالك من أثبت الناس، مالك بن أنس، مدار المدرسة المدنية بطولها وعرضها، كان
مالك من أثبت الناس، وكان يخطئ، وقال أيضًا الإمام أحمد: حماد ابن زيد وهو من الثقات الأجلاء، حماد بن زيد قد أخطأ في
غير شيء، يعني في غير ما حديث.
وقال البردعي:
شهدت أبا زرعة ذكر عبد الرحمن بن مهدي، ما رأيكم تعرفون عبد الرحمن بن مهدي، إمام
العلل إمام الجرح والتعديل، أمير المؤمنين عندنا، يقول شهدت أبا زرعة ذكر عبد
الرحمن بن مهدي، ومدحه وأطنب في مدحه، يعني طول في مدحه، يستحق إمام، وقال: وهم في
غير شيء، ثم ذكر عدة أسباب قد صحفها، يعني أخطأ في غير شيء، في أشياء كثيرة.
وكان شعبة يخطئ في أسماء
الرجال، قال الإمام أحمد: ما أكثر ما يخطئ شعبة في أسامي الرجال.
وأجمل لنا كل ذلك الإمام مسلم
فقال كلاما والله يكتب بماء الذهب بعد أن ذكر جماعات من الحفاظ والمتقنين، في كتاب
التمييز، قال: ومع ما ذكرت لك من منازلهم في الحفظ ومراتبهم فيه، فليس من ناقل
خبر وحامل أثر من السلف الماضين إلى زماننا وإن كان من أحفظ الناس وأشدهم توقيا
وإتقانا لما يحفظ وينقل، إلا والغلط والسهو ممكن في حفظه ونقله.
س/
ما هى أسباب وقوع العلة في حديث الرواة عموما وفي الثقات خصوصا، يعني لماذا يخطئ
الراوي؟
·
ج/ السبب
الأول: الضعف البشري ، أنك بشر معرض للخطأ والنسيان، لست معصوما، فليس من
معصوم إلا صاحب القبر صلوات ربي وسلامه عليه، كما قال الإمام مالك.
هذا السبب الأول والرئيس والعام، يشمل
الثقات والضعفاء أنهم بشر، معرضون للخطأ والنسيان.
·
السبب الثاني: ما
اتصف به بعض الرواة من خفة الضبط وكثرة الوهم مع بقاء عدالتهم، النوع الثاني
والثالث، العدل الضابط الذي خف ضبطه شيئا ما، أو العدل غير الضابط الذي كثر غلطه
شيئا ما، هؤلاء، فما اتصف به بعض الرواة من خفة الضبط وكثرة الوهم مع بقاء عدالتهم،
فالثقات على طبقات ومراتب.
كأن العلماء لما وضعوا هذا السبب من
أسباب وقوع العلة، كأنهم يقولون ليس الكل متقن،
فمن أكثر الرواة متوسطين، لا إلى الإتقان، ولا إلى الضعف الشديد جدا
فإذن ما اتصف به بعض الرواة من خفة
الضبط وكثرة الوهم مع بقاء عدالتهم، فالثقات على طبقات ومراتب.
·
السبب الثالث: الأسباب
العارضة.
س/
ما هى الأسباب العارضة المؤدية لخفة الضبط ؟.
الأسباب العارضة المؤدية لخفة الضبط:
·
ككبر السنن،
والاختلاط،
·
أو ضياع الكتب،
·
أو احتراق كبته،
·
أو عدم أخذ كتبه معه
في سفرة وهو في الأصل يعتمد على كتابه لا على حفظه،
·
أو الانشغال عن علم
الحديث بالعلوم الأخرى، كأن يكون قارئًا
للقرآن، ونعرف أن بعض القراء المتقنين الذين نقرأ على قراءتهم كحفص وعاصم هم في
الحديث ضعاف، وليس الضعف سببه إلا اختصاصهم بعلم القراءة وانشغالهم بعلم القراءة
عن علم الحديث، لكنهم ما منعهم هذا أن يأتوا ببعض أحاديث النبي وأن يرووها.
إذن أو الانشغال عن علم الحديث بالعلوم
الأخرى كالفقه والقراءات والقضاء، فكم من قاض كشريك بن عبد الله القاضي ضعف حديثه
لانشغاله بالقضاء عن رواية حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يروي حديث النبي صلى
الله عليه وسلم فيخطئ فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق